طَعَامٍ وَنَحْوِهِ، فَيُؤَخِّرُهُ قَدْرَ مَا يَفْرَغُ.
وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ لِلْقَاضِي دِرَّةٌ يُؤَدِّبُ بِهَا إِذَا احْتَاجَ، وَيَتَّخِذُ سِجْنًا لِلْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي التَّعْزِيرِ، وَاسْتِيفَاءِ الْحَقِّ مِنَ الْمُمَاطِلِ.
وَهَذِهِ فُرُوعٌ تَتَعَلَّقُ بِالْحَبْسِ. قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ: إِذَا اسْتَشْعَرَ الْقَاضِي مِنَ الْمَحْبُوسِ الْفِرَارَ مِنَ الْحَبْسِ، فَلَهُ نَقْلُهُ إِلَى حَبْسِ الْجَرَائِمِ، وَلَوْ دَعَا الْمَحْبُوسُ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ إِلَى فِرَاشِهِ فِيهِ، لَمْ يُمْنَعْ إِنْ كَانَ فِي الْحَبْسِ مَوْضِعٌ خَالٍ، فَإِنِ امْتَنَعَتْ، أُجْبِرَتِ الْأُمَةُ، وَلَا تُجْبَرُ الزَّوْجَةُ الْحُرَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى، وَالزَّوْجَةُ الْأَمَةُ تُجْبَرُ إِنْ رَضِيَ سَيِّدُهَا. وَلَوْ قَالَ مُسْتَحِقُّ الدَّيْنِ: أَنَا أُلَازِمُهُ بَدَلًا عَنِ الْحَبْسِ، مُكِّنَ؛ لِأَنَّهُ أَخَفُّ إِلَّا أَنْ يَقُولَ الْغَرِيمُ: تَشُقُّ عَلَيَّ الطِّهَارَةُ وَالصَّلَاةُ بِسَبَبِ مُلَازَمَتِهِ، فَاحْبِسْنِي، فَيُحْبَسُ.
وَسَبَقَ الْخِلَافُ فِي أَنَّ الْأَبَ هَلْ يُحْبَسُ بِدَيْنِ وَلَدِهِ، وَقِيَاسُ حَبْسِهِ أَنْ يُحْبَسَ الْمَرِيضُ وَالْمُخَدِّرَةُ وَابْنُ السَّبِيلِ مَنْعًا لَهُمْ مِنَ الظُّلْمِ. وَعَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْعِبَادِيِّ أَنَّهُمْ لَا يُحْبَسُونَ، بَلْ يُوكَلُ بِهِمْ لِيَتَرَدَّدُوا وَيَتَمَحَّلُوا. قَالَ: وَلَا يُحْبَسُ أَبُو الطِّفْلِ وَلَا الْوَكِيلُ وَالْقَيِّمُ فِي دَيْنٍ لَمْ يَجِبْ بِمُعَامَلَتِهِمْ، وَلَا يُحْبَسُ الصَّبِيُّ وَلَا الْمَجْنُونُ، وَلَا الْمَكَاتَبُ بِالنُّجُومِ، وَلَا الْعَبْدُ الْجَانِي، وَلَا سَيِّدُهُ لِيُؤَدِّيَ أَوْ يَبِيعَ، بَلْ يُبَاعُ عَلَيْهِ إِذَا وُجِدَ رَاغِبٌ وَامْتَنَعَ مِنَ الْبَيْعِ وَالْفِدَاءِ، وَنَقَلَ الْهَرَوِيُّ وَجْهَيْنِ فِي حَبْسِ كُلِّ غَرِيمٍ قَدَرْنَا عَلَى مَالِهِ، وَتَمَكَّنَّا مِنْ بَيْعِهِ.
وَأُجْرَةُ السَّجَّانِ عَلَى الْمَحْبُوسِ وَأُجْرَةُ الْوَكِيلِ عَلَى مَنْ وُكِّلَ بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ مَالٌ، وَصُرِفَ إِلَى جِهَةٍ أَهَمَّ مِنْ هَذِهِ.
قُلْتُ: وَقَدْ أَلْحَقْتُ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ مَسَائِلَ كَثِيرَةً تَتَعَلَّقُ بِالْحَبْسِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute