للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رُؤْيَةَ الْإِقْرَاضِ، وَسَمَاعَ الْإِقْرَارِ لَا يُفِيدُ الْيَقِينَ بِثُبُوتِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَقْتَ الْقَضَاءِ، فَيَدُلُّ أَنَّهُمْ أَرَادُوا بِالْعِلْمِ الظَّنَّ الْمُؤَكَّدَ لَا الْيَقِينَ. الثَّانِيَةُ: إِذَا رَأَى الْقَاضِي وَرَقَةً فِيهَا ذِكْرُ حُكْمِهِ لِرَجُلٍ، وَطَلَبَ مِنْهُ إِمْضَاءَهُ وَالْعَمَلَ بِهِ، نُظِرَ إِنْ تَذَكَّرَهُ أَمْضَاهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ، وَفِي أَمَالِي أَبِي الْفَرَجِ الرَّزَّازِ إِنَّهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْقَضَاءِ بِعِلْمِهِ وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْهُ، لَمْ يَعْتَمِدْهُ قَطْعًا لِإِمْكَانِ التَّزْوِيرِ، وَكَذَا الشَّاهِدُ لَا يَشْهَدُ بِمَضْمُونِ خَطِّهِ إِذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ، فَلَوْ كَانَ الْكِتَابُ مَحْفُوظًا عِنْدَهُ، وَبَعْدَ احْتِمَالِ التَّزْوِيرِ وَالتَّحْرِيفِ، كَالْمَحْضَرِ وَالسِّجِلِّ الَّذِي يَحْتَاطُ فِيهِ الْقَاضِي عَلَى مَا سَبَقَ، فَالصَّحِيحُ وَالْمَنْصُوصُ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ لَا يَقْضِي بِهِ أَيْضًا مَا لَمْ يَتَذَكَّرْ، لِاحْتِمَالِ التَّحْرِيفِ، وَكَذَا الشَّاهِدُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يَشْهَدُ، وَفِيهِمَا وَجْهٌ حَكَاهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا لَمْ يَتَدَاخَلْهُ رِيبَةٌ.

وَفِي جَوَازِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ اعْتِمَادًا عَلَى الْخَطِّ الْمَحْفُوظِ عِنْدَهُ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، وَلَا تَكْفِيهِ رِوَايَةُ السَّمَاعِ بِخَطِّهِ أَوْ خَطِّ ثِقَةٍ، وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ، لِعَمَلِ الْعُلَمَاءِ بِهِ سَلَفًا وَخَلَفًا، وَبَابُ الرِّوَايَةِ عَلَى التَّوْسِعَةِ، وَلَوْ كَتَبَ إِلَيْهِ شَيْخٌ بِالْإِجَازَةِ، وَعَرَفَ خَطَّهُ، جَازَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ تَفْرِيعًا عَلَى اعْتِمَادِ الْخَطِّ، فَيَقُولُ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ كِتَابَةً، أَوْ فِي كِتَابَةٍ، أَوْ كَتَبَ إِلَيَّ وَهَذَا عَلَى تَجْوِيزِ الرِّوَايَةِ بِالْإِجَازَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَمَنَعَهَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ.

قُلْتُ: وَقَدْ مَنَعَهَا أَيْضًا الْمَاوَرْدِيُّ فِي «الْحَاوِي» وَنَقَلَ هُوَ مَنْعَهَا عَنِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلَكِنْ أَظْهَرُ قَوْلَيْهِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذَاهِبِ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ صِحَّةُ الْإِجَازَةِ، وَجَوَازُ الرِّوَايَةِ بِهَا، وَوُجُوبُ الْعَمَلِ بِهَا. ثُمَّ هِيَ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ قَدْ لَخَّصْتُهَا بِفُرُوعِهَا وَأَمْثِلَتِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي «الْإِرْشَادِ» فِي مُخْتَصَرِ عُلُومِ الْحَدِيثِ، وَأَنَا أَذْكُرُ مِنْهَا هُنَا رُمُوزًا إِلَى مَقَاصِدِهَا تَفْرِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>