يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ، وَهَذَا بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ، فَإِنَّ الرَّاوِيَ لَوْ نَسِيَ، جَازَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الرِّوَايَةَ مِمَّنْ سَمِعَهَا مِنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَفِيهَا وَجْهٌ حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ وَعَلَى الصَّحِيحِ الْفَرْقُ مَا سَبَقَ أَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ عَلَى التَّوْسِعَةِ، وَلِهَذَا يُقْبَلُ مِنَ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ، وَمِنَ الْفَرْعِ مَعَ وُجُودِ الْأَصْلِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَإِذَا لَمْ يَتَذَكَّرِ الْقَاضِي فَحَقُّهُ أَنْ يَتَوَقَّفَ، وَلَا يَقُولَ: لَمْ أَحْكُمْ.
وَهَلْ لِلْمُدَّعِي وَالْحَالَةُ هَذِهِ تَحْلِيفُ الْخَصْمِ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حُكْمَ الْقَاضِي؟ قَالَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَلَوْ شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى حُكْمِهِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا، وَأَمْضَى حُكْمَ الْأَوَّلِ إِلَّا إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَنْكَرَ حُكْمَهُ، وَكَذَّبَهُمَا، فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ تَوَقَّفَ، فَوَجْهَانِ، أَوْفَقُهُمَا لِكَلَامِ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، وَقَالَ الْأَوْدَنِيُّ وَصَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» : لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ تَوَقُّفَهُ يُورِثُ تُهْمَةً وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّ شَاهِدَيِ الْأَصْلِ تَوَقَّفَا فِي الشَّهَادَةِ، لَمْ يَجُزِ الْحُكْمُ بِشَهَادَةِ الْفُرُوعِ.
الرَّابِعَةُ: ادَّعَى عَلَى الْقَاضِي أَنَّكَ حَكَمْتَ لِي بِكَذَا. قَالَ الْأَصْحَابُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَى قَاضٍ آخَرَ، وَيُحَلِّفَهُ كَمَا لَا يَحْلِفُ الشَّاهِدُ إِذَا أَنْكَرَ الشَّهَادَةَ. وَعَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّا إِنْ قُلْنَا: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ، فَلَهُ تَحْلِيفُهُ لِيَحْلِفَ الْمُدَّعِي إِنْ نَكَلَ، هَذَا إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ قَاضٍ، فَإِنِ ادَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ عَزْلِهِ، أَوْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عِنْدَ قَاضٍ، فَنَقَلَ الْإِمَامُ أَنَّهُ يَجُوزُ سَمَاعُ الْبَيِّنَةِ، وَلَا يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ. وَلَا يُحَلَّفُ إِنْ قُلْنَا: الْيَمِينُ الْمَرْدُودَةُ كَالْإِقْرَارِ، وَإِنْ قُلْنَا: كَالْبَيِّنَةِ، حُلِّفَ، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: سَمَاعُ الدَّعْوَى عَلَى الْقَاضِي مَعْزُولًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ بِأَنَّهُ حُكْمٌ لَيْسَ عَلَى قَوَاعِدِ الدَّعَاوَى الْمُلْزِمِةِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهَا التَّدَرُّجُ إِلَى إِلْزَامِ الْخَصْمِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute