للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّوْعُ الثَّانِي: صَلَاةُ عُسْفَانَ. وَهِيَ: أَنْ يُرَتِّبَهُمُ الْإِمَامُ صَفَّيْنِ وَيُحْرِمَ بِالْجَمِيعِ، فَيُصَلُّوا مَعَهُ إِلَى أَنْ يَنْتَهِيَ إِلَى الِاعْتِدَالِ عَنْ رُكُوعِ الْأُولَى، فَإِذَا سَجَدَ، سَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الثَّانِي، وَلَمْ يَسْجُدِ الصَّفُّ الْأَوَّلُ، بَلْ يَحْرُسُوا لَهُمْ قِيَامًا، فَإِذَا قَامَ الْإِمَامُ وَالسَّاجِدُونَ، سَجَدَ أَهْلُ الصَّفِّ الْأَوَّلِ وَلَحِقُوهُ، وَقَرَأَ الْجَمِيعُ مَعَهُ وَرَكَعُوا وَاعْتَدَلُوا، فَإِذَا سَجَدَ، سَجَدَ مَعَهُ الصَّفُّ الْحَارِسُونَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَحَرَسَ الْآخَرُونَ، فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ، سَجَدُوا، وَلَحِقُوهُ وَتَشَهَّدُوا كُلُّهُمْ مَعَهُ وَسَلَّمَ بِهِمْ.

هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي (الْمُخْتَصَرِ) . وَاخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ، فَأَخَذَ كَثِيرُونَ بِهَا، مِنْهُمْ أَصْحَابُ الْقَفَّالِ، وَتَابَعَهُمُ الْغَزَّالِيُّ، وَقَالُوا: هِيَ مَنْقُولَةٌ عَنْ فِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ مَعَهُ بِعُسْفَانَ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَمَنْ تَابَعَهُ: مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ خِلَافُ الثَّابِتِ فِي السُّنَّةِ، فَإِنَّ الثَّابِتَ أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ سَجَدُوا مَعَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى، وَالصَّفَّ الثَّانِي سَجَدُوا مَعَهُ الثَّانِيَةَ، وَالشَّافِعِيُّ عَكَسَ ذَلِكَ.

قَالُوا: وَالْمَذْهَبُ مَا ثَبَتَ فِي الْخَبَرِ، لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ: إِذَا رَأَيْتُمْ قَوْلِي مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ فَاطْرَحُوهُ. وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ لَمْ يَقُلْ: إِنَّ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا هِيَ صَلَاةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُسْفَانَ، بَلْ قَالَ: وَهَذَا نَحْوُ صَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِعُسْفَانَ، فَأَشْبَهَ تَجْوِيزُهُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا. وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ وَصَاحِبُ (التَّهْذِيبِ) وَغَيْرُهُمَا.

قُلْتُ: الصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ: جَوَازُ الْأَمْرَيْنِ، وَهُوَ مُرَادُ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ، ثُمَّ ذَكَرَ الْكَيْفِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ، فَأَشَارَ إِلَى جَوَازِهِمَا. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

ثُمَّ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الْمَشْهُورُ: أَنَّ الْحِرَاسَةَ فِي السُّجُودِ خَاصَّةً، وَأَنَّ الْجَمِيعَ يَرْكَعُونَ مَعَهُ، وَفِيهِ وَجْهٌ: أَنَّهُمْ يَحْرُسُونَ فِي الرُّكُوعِ أَيْضًا، وَهُوَ شَاذٌّ مُنْكَرٌ. قَالَ أَصْحَابُنَا: لِهَذِهِ الصَّلَاةِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ. أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>