الْقِبْلَةِ، وَأَنْ يَكُونَ عَلَى جَبَلٍ، أَوْ مُسْتَوًى مِنَ الْأَرْضِ لَا يَسْتُرُهُمْ شَيْءٌ عَنْ أَبْصَارِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْجِدِ كَثْرَةٌ، لِتَسْجُدَ طَائِفَةٌ وَتَحْرُسَ أُخْرَى، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى صَفَّيْنِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يُرَتِّبَهُمْ صُفُوفًا كَثِيرَةً، ثُمَّ يَحْرُسُ صَفَّانِ كَمَا سَبَقَ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَحْرُسَ جَمِيعُ مَنْ فِي الصَّفِّ، بَلْ لَوْ حَرَسَتْ فِرْقَتَانِ مِنْ صَفٍّ وَاحِدٍ عَلَى الْمُنَاوَبَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، جَازَ. فَلَوْ تَوَلَّى الْحِرَاسَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ طَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ، فَفِي صَلَاةِ هَذِهِ الطَّائِفَةِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ، وَبِهِ قَطَعَ جَمَاعَةٌ.
فَرْعٌ
لَوْ تَأَخَّرَ الْحَارِسُونَ أَوَّلًا إِلَى الصَّفِّ الثَّانِي فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ، وَتَقَدَّمَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ لِيَحْرُسُوا، جَازَ إِذَا لَمْ تَكْثُرْ أَفْعَالُهُمْ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَقَدَّمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّفِّ الثَّانِي خُطْوَتَيْنِ، وَيَتَأَخَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ خُطْوَتَيْنِ وَيَنْفُذَ كُلُّ وَاحِدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ.
وَهَلْ هَذَا التَّقَدُّمُ أَفْضَلُ، أَمْ مُلَازَمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مَكَانَهُ؟ وَجْهَانِ. قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ، وَالْمَسْعُودِيُّ، وَالْغَزَّالِيُّ، وَآخَرُونَ: التَّقَدُّمُ أَفْضَلُ. وَقَالَ الْعِرَاقِيُّونَ: الْمُلَازَمَةُ أَفْضَلُ. وَلَفْظُ الشَّافِعِيِّ عَلَى هَذَا أَدَلُّ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ: أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ يُحْرَسُ فِي الْأَوَّلِ. فَأَمَّا عَلَى اخْتِيَارِ أَبِي حَامِدٍ: أَنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ يَسْجُدُونَ فِي الْأُولَى، فَإِنَّ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ يَتَقَدَّمُ الصَّفُّ الثَّانِي، وَيَتَأَخَّرُ الْأَوَّلُ فَتَكُونُ الْحِرَاسَةُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِمَّنْ خَلْفَ الصَّفِّ الْأَوَّلِ، وَكَذَلِكَ وَرَدَ الْخَبَرُ.
قُلْتُ: ثَبَتَ فِي (صَحِيحِ مُسْلِمٍ) تَقَدُّمُ الصَّفِّ الثَّانِي، وَتَأَخُّرُ الْأَوَّلِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute