بِعِيدٌ. وَالْحَاصِلُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَظْهَرُهَا: تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَالِغَ الْبَيِّنَةَ وَلَا يَحْكُمَ، وَالثَّانِي لَا يَسْمَعُ وَلَا يَحْكُمُ، وَالثَّالِثُ يَسْمَعُ وَيَحْكُمُ، هَذِهِ طَرِيقَةُ الْجُمْهُورِ، وَطَرَدُوهَا فِي جَمِيعِ الْمَنْقُولَاتِ الَّتِي لَا تُعْرَفُ، وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: مَا لَا يُؤَمَنُ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ ضَرْبَانِ مَا يُمْكِنُ تَمْيِيزُهُ بِالصِّفَاتِ وَالْحُلِيِّ كَالْحَيَوَانِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ لِكَثْرَةِ أَمْثَالِهِ كَالْكِرْبَاسِ، فَالْأَوَّلُ عَلَى الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَقَطَعَا فِي الْكِرْبَاسِ وَنَحْوِهِ [بِأَنَّهُ] لَا تَرْتَبِطُ الدَّعْوَى وَالْحُكْمُ بِالْعَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا: يَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُبَالِغَ الْمُدَّعِي فِي الْوَصْفِ بِمَا يُمْكِنُ الِاسْتِقْصَاءِ وَالتَّعَرُّضِ لِلثَّبَاتِ.
وَبِمَاذَا يَضْبِطُ بَعْدَ ذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ؟ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا الْهَرَوِيُّ وَغَيْرُهُ، أَحَدُهُمَا لِتَعَرُّضِ الْأَوْصَافِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي السَّلَمِ، وَالثَّانِي يَتَعَرَّضُ لِلْقِيمَةِ، وَتَكْفِي عَنْ ذَلِكَ الصِّفَاتُ، قَالُوا: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الرُّكْنَ فِي تَعْرِيفِ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ ذِكْرُ الصِّفَاتِ وَذِكْرُ الْقِيمَةِ مُسْتَحَبٌّ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ، الرُّكْنُ الْقِيمَةُ، وَذِكْرُ الصِّفَاتِ مُسْتَحَبٌّ، ثُمَّ يَكْتُبُ الْقَاضِي إِلَى قَاضِي بَلَدِ الْمَالِ بِمَا جَرَى عِنْدَهُ مِنْ مُجَرَّدِ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، أَوْ مَعَ الْحُكْمِ إِنْ جَوَّزْنَا الْحُكْمَ الْمُبْرَمَ، فَإِنْ أَظْهَرَ الْخَصْمُ هُنَاكَ عَبْدًا آخَرَ بِالِاسْمِ وَالصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي يَدِهِ، أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِ، فَقَدْ صَارَ الْقَضَاءُ مُبْهَمًا، وَانْقَطَعَتِ الْمُطَالَبَةُ فِي الْحَالِ، كَمَا سَبَقَ فِي الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِدَافِعٍ، فَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ كِتَابَ حُكْمٍ، وَجَوَّزْنَاهُ، حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّ هَذَا الْمَالَ هُوَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ شُهُودُهُ عِنْدَ الْقَاضِي فُلَانٍ، وَتَسَلَّمَ إِلَيْهِ، ذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاصِّ فِي كِتَابِ آدَابِ الْقَضَاءِ، وَإِنْ كَانَ كِتَابَ سَمَاعِ الْبَيِّنَةِ، انْتَزَعَ الْمَكْتُوبُ إِلَيْهِ الْمَالَ، وَبَعَثَهُ إِلَى الْكَاتِبِ، لِيَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهِ، وَفِي طَرِيقِهِ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَغَيْرُهُ: يُسَلَّمُ إِلَى الْمُدَّعِي، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ كَفِيلٌ بِبَدَنِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ: يَكْفُلُهُ قِيمَةَ الْمَالِ، فَإِنْ ذَهَبَ إِلَى الْقَاضِي الْكَاتِبِ، وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى عَيْنِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute