وَسَلَّمَ بِهِ، كَتَبَ الْقَاضِي بِذَلِكَ إِبْرَاءَ الْكَفِيلِ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُدَّعِي الرَّدُّ، وَمُؤْنَتُهُ، وَيَخْتِمُ الْعَيْنَ عِنْدَ تَسْلِيمِهَا إِلَيْهِ بِخَتْمٍ لَازِمٍ، فَإِنْ كَانَ عَبْدًا، جَعَلَ فِي عُنُقِهِ الْقِلَادَةَ، وَيَخْتِمُ عَلَيْهَا، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْخَتْمِ أَنْ لَا يُبَدَّلَ الْمَأْخُوذُ بِمَا لَا يَسْتَرِيبُ الشُّهُودُ فِي أَنَّهُ لَهُ، وَأَخْذُ الْكَفِيلِ وَاجِبٌ، وَالْخَتْمُ مُسْتَحَبٌّ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ كَانَ لِلْمُدَّعِي جَارِيَةٌ، فَثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهَا كَالْعَبْدِ، وَالثَّانِي: لَا تُبْعَثُ أَصْلًا، وَالثَّالِثُ: تُسَلَّمُ إِلَى أَمِينٍ فِي الرُّفْقَةِ لَا إِلَى الْمُدَّعِي، وَهَذَا حَسَنٌ.
قُلْتُ: هَذَا الثَّالِثُ هُوَ الصَّحِيحُ أَوِ الصَّوَابُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْجُمْهُورِ أَنَّ الشُّهُودَ إِذَا شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهِ عِنْدَ الْكَاتِبِ، سَلَّمَهُ إِلَى الْمُدَّعِي، وَقَدْ تَمَّ الْحُكْمُ لَهُ، ثُمَّ يَكْتُبُ إِبْرَاءَ الْكَفِيلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَفِي «الْفُرُوقِ» لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَخْتِمُ عَلَى رَقَبَتِهِ خَتْمًا ثَانِيًا، وَيَكْتُبُ بِأَنِّي حَكَمْتُ بِهِ لِفُلَانٍ، وَيُسَلِّمُهُ إِلَى الْمَكْتُوبِ لَهُ، لِيَرُدَّهُ إِلَى الْقَاضِي الثَّانِي، فَيَقْرَأُ الْكِتَابَ، وَيُطْلِقُ الْكَفِيلَ، وَيُسَلِّمُ الْعَبْدَ إِلَى الْمُدَّعِي.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّ الْقَاضِيَ بَعْدَ الِانْتِزَاعِ يَبِيعُهُ لِلْمُدَّعِي، وَيَقْبِضُ مِنْهُ الثَّمَنَ، وَيَضَعُهُ عِنْدَ عَدْلٍ، أَوْ يَكْفُلُهُ بِالثَّمَنِ، فَإِنَّ سُلِّمَ لِلْمُدَّعِي بِشَهَادَةِ الشُّهُودِ عَلَى عَيْنِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الْكَاتِبِ، كَتَبَ بِرَدِّ الثَّمَنِ، أَوْ بَرَاءَةِ الْكَفِيلِ، وَبَانَ بُطْلَانُ الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ، وَيُسَلَّمُ الثَّمَنُ إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَهَذَا بَيْعٌ يَتَوَلَّاهُ الْقَاضِي لِلْمَصْلَحَةِ، كَمَا يَبِيعُ الضَّوَالَّ، وَحَكَى الْفُورَانِيُّ بَدَلَ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ يُسَلِّمُ إِلَيْهِ الْمَالَ، وَيَأْخُذُ الْقِيَمَ وَيَدْفَعُهَا إِلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَزْعُمُهُ مِلْكًا لَهُ، ثُمَّ يَسْتَرِدُّ هَذِهِ الْقِيمَةَ، سَوَاءً ثَبَتَ الْمَالُ لِلْمُدَّعِي أَمْ لَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute