للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ، وَلَا تُرَدُّ الشَّهَادَةُ بِمُجَرَّدِهِ، فَإِنِ انْضَمَّ إِلَيْهِ قِمَارٌ وَنَحْوُهُ رُدَّتْ.

فَرْعٌ

غِنَاءُ الْإِنْسَانِ قَدْ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ صَوْتِهِ، وَقَدْ يَقَعُ بِآلَةٍ، أَمَّا الْقَسَمُ الْأَوَّلُ فَمَكْرُوهٌ وَسَمَاعُهُ مَكْرُوهٌ، وَلَيْسَا مُحَرَّمَيْنِ، فَإِنْ كَانَ سَمَاعُهُ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ فَأَشَدُّ كَرَاهَةً، وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ تَحْرِيمَهُ وَهَذَا هُوَ الْخِلَافُ الَّذِي سَبَقَ فِي أَنَّ صَوْتَهَا هَلْ هُوَ عَوْرَةٌ، فَإِنْ كَانَ فِي السَّمَاعِ مِنْهَا خَوْفُ فِتْنَةٍ، فَحَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ، وَكَذَا السَّمَاعُ مِنْ صَبِيٍّ يُخَافُ مِنْهُ الْفِتْنَةُ، وَحَكَى أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ وَجْهًا أَنَّهُ يَحْرُمُ كَثِيرُ السَّمَاعِ دُونَ قَلِيلُهُ، وَوَجْهٌ أَنَّهُ يَحْرُمُ مُطْلَقًا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ لِلْأَصْحَابِ.

وَأَمَّا الْحُدَاءُ، وَسَمَاعُهُ، فَمُبَاحَانِ، وَأَمَّا تَحْسِينُ الصَّوْتِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَمَسْنُونٌ، وَأَمَّا الْقِرَاءَةُ بِالْأَلْحَانِ، فَقَالَ فِي «الْمُخْتَصَرِ» : لَا بَأْسَ بِهَا وَعَنْ رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْجِيزَيِّ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، قَالَ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: لَيْسَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ، بَلِ الْمَكْرُوهُ أَنْ يُفَرِّطَ فِي الْمَدِّ وَفِي إِشْبَاعِ الْحَرَكَاتِ حَتَّى تَتَوَلَّدَ مِنَ الْفَتْحَةِ أَلْفٌ، وَمِنَ الضَّمِّ وَاوٌ، وَمِنَ الْكَسْرَةِ يَاءٌ، أَوْ يُدْغِمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْإِدْغَامِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى هَذَا الْحَدِّ، فَلَا كَرَاهَةَ، وَفِي أَمَالِي السَّرَخْسِيِّ وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ وَإِنْ أَفْرَطَ.

قُلْتُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ إِذَا أَفْرَطَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، فَهُوَ حَرَامٌ، صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ «الْحَاوِي» فَقَالَ: هُوَ حَرَامٌ يُفَسَّقُ بِهِ الْقَارِئُ، وَيَأْثَمُ الْمُسْتَمِعُ؛ لِأَنَّهُ عَدَلَ بِهِ عَنْ لَهْجَةِ التَّقْوِيمِ، وَهَذَا مُرَادُ الشَّافِعِيِّ بِالْكَرَاهَةِ. وَيُسَنُّ تَرْتِيلُ الْقِرَاءَةِ وَتَدَبُّرُهَا، وَالْبُكَاءُ عِنْدَهَا، وَطَلَبُ الْقِرَاءَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>