مِنْ حَسَنِ الصَّوْتِ، وَالْجُلُوسُ فِي حِلَقِ الْقِرَاءَةِ وَلَا بَأْسَ بِتَرْدِيدِ الْآيَةِ لِلتَّدَبُّرِ، وَلَا بِاجْتِمَاعِ الْجَمَاعَةِ فِي الْقِرَاءَةِ، وَلَا بِإِدَارَتِهَا وَهُوَ أَنْ يَقْرَأَ بَعْضُ الْجَمَاعَةِ قِطْعَةً، ثُمَّ الْبَعْضُ قِطْعَةً بَعْدَهَا، وَقَدْ أَوْضَحْتُ هَذَا كُلَّهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ النَّفَائِسِ فِي «آدَابِ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يُغَنِّيَ بِبَعْضِ آلَاتِ الْغِنَاءِ مِمَّا هُوَ مِنْ شِعَارِ شَارِبِي الْخَمْرِ وَهُوَ مُطْرِبٌ كَالطُّنْبُورِ وَالْعُودِ وَالصَّنْجِ وَسَائِرِ الْمَعَازِفِ وَالْأَوْتَارِ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ وَاسْتِمَاعُهُ. وَفِي الْيَرَاعِ وَجْهَانِ صَحَّحَ الْبَغَوِيُّ التَّحْرِيمَ وَالْغَزَالِيُّ الْجَوَازَ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْيَرَاعِ كُلُّ قَصَبٍ بَلِ الْمِزْمَارُ الْعِرَاقِيُّ وَمَا يُضْرَبُ بِهِ الْأَوْتَارُ حَرَامٌ بِلَا خِلَافٍ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ أَوِ الصَّحِيحُ تَحْرِيمُ الْيَرَاعِ، وَهُوَ هَذِهِ الزَّمَّارَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ وَقَدْ صَنَّفَ الْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الدَّوْلَعِيُّ كِتَابًا فِي تَحْرِيمِ الْيَرَاعِ مُشْتَمِلًا عَلَى نَفَائِسَ، وَأَطْنَبَ فِي دَلَائِلِ تَحْرِيمِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَمَّا الدُّفُّ، فَضَرْبُهُ مُبَاحٌ فِي الْعُرْسِ وَالْخِتَانِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِمَا، فَأَطْلَقَ صَاحِبُ «الْمُهَذَّبِ» وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا تَحْرِيمَهُ، وَقَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: حَلَالٌ: وَحَيْثُ أَبَحْنَاهُ هُوَ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ جُلَاجِلُ، فَإِنْ كَانَ، فَالْأَصَحُّ حِلُّهُ أَيْضًا. وَلَا يَحْرُمُ ضَرْبُ الطُّبُولِ إِلَّا الْكُوبَةَ، وَهُوَ طَبْلٌ طَوِيلٌ مُتَّسِعُ الطَّرَفَيْنِ ضَيِّقُ الْوَسَطِ، وَهُوَ الَّذِي يَعْتَادُ ضَرْبَهُ الْمُخَنَّثُونَ، وَالطُّبُولُ الَّتِي تُهَيَّأُ لِمَلَاعِبِ الصِّبْيَانِ إِنْ لَمْ تَلْحَقْ بِالطُّبُولِ الْكِبَارِ، فَهِيَ كَالدُّفِّ، وَلَيْسَتْ كَالْكُوبَةِ بِحَالٍ، وَالضَّرْبُ بِالصَّفَّاقَتَيْنِ حَرَامٌ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَادَةِ الْمُخَنَّثِينَ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute