للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَدِّ مَقْبُولَةٌ، وَبَعْدَهُ لَا تُقْبَلُ، لِظُهُورِ الْعَدَاوَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بَعْدَ الطَّلَبِ، ثُمَّ عَفَا وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ، لَمْ تُقْبَلْ كَالْفَاسِقِ إِذَا شَهِدَ، ثُمَّ تَابَ وَأَعَادَ تِلْكَ الشَّهَادَةَ، وَأَنَّهُ لَوْ شَهِدَ قَبْلَ الطَّلَبِ، ثُمَّ طَلَبَ قَبْلَ الْحُكْمِ، لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ، كَمَا لَوْ فُسِّقَ الشَّاهِدُ قَبْلَ الْحُكْمِ، لَكِنْ فِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَغَيْرِهِ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - صَوَّرَ الْعَدَاوَةَ الْمُوجِبَةَ لِلرَّدِّ فِيمَا إِذَا قَذَفَ رَجُلٌ رَجُلًا، أَوِ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ الطَّرِيقَ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ مَالَهُ، فَيُقَالُ: يَصِيرَانِ عَدُوَّيْنِ، فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، فَاكْتَفَى بِالْقَذْفِ دَلِيلًا عَلَى الْعَدَاوَةِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِطَلَبِ الْحَدِّ، قَالَ الرُّويَانِيُّ: لَعَلَّ الْقَفَّالَ أَرَادَ غَيْرَ صُورَةِ الْقَذْفِ، ثُمَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ الْحُكْمُ غَيْرُ مَنُوطٍ بِأَنْ يَطْلُبَ الْمَقْذُوفُ الْحَدَّ، بَلْ بِأَنْ يُظْهِرَ الْعَدَاوَةَ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَلَى رَجُلٍ، فَقَذَفَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ، نَصَّ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ

الْعَدَاوَاتُ الدِّينِيَّةُ لَا تُوجِبُ رَدَّ الشَّهَادَةِ، بَلْ يُقْبَلُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ وَالسُّنِّيِّ عَلَى الْمُبْتَدِعِ، وَكَذَا مَنْ أَبْغَضَ الْفَاسِقَ لِفِسْقِهِ لَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ عَالَمٌ نَاقِدٌ: لَا تَسْمَعُوا الْحَدِيثَ مِنْ فُلَانٍ، فَإِنَّهُ مُخَلِّطٌ، أَوْ لَا تَسْتَفْتُوهُ، فَإِنَّهُ لَا يَعْرِفُ الْفَتْوَى، لَمْ تُرَدَّ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا نَصِيحَةٌ لِلنَّاسِ، نَصَّ عَلَيْهِ.

فَرْعٌ

تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْعَدُوِّ لِعَدُوِّهِ إِذْ لَا تُهْمَةَ.

فَرْعٌ

الْعَصَبِيَّةُ أَنْ يُبْغِضَ الرَّجُلَ لِكَوْنِهِ مِنْ بَنِي فُلَانٍ، فَإِنِ انْضَمَّ إِلَيْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>