للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُعَادَةِ بَعْدَ التَّوْبَةِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: لَا يُقْبَلُ أَيْضًا، وَإِنَّمَا يَجِيءُ الْوَجْهَانِ إِذَا أَصْغَى الْقَاضِي إِلَى شَهَادَتِهِ مَعَ ظُهُورِ فِسْقِهِ، ثُمَّ رَدَّهَا. وَفِي الْإِصْغَاءِ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا - وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ، وَاسْتَحْسَنَهُ الْإِمَامُ -: لَا يُصْغِي، كَشَهَادَةِ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ.

وَلَوْ كَانَ الْكَافِرُ يَسْتَتِرُ بِكُفْرِهِ، وَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَأَعَادَهَا، لَمْ تُقْبَلْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ لِعَدَاوَةٍ، فَزَالَتْ، وَأَعَادَهَا، لَمْ تُقْبَلْ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ لِمُكَاتَبِهِ بِمَالٍ، أَوْ لِعَبْدِهِ بِنِكَاحٍ، فَرُدَّتْ فَأَعَادَهَا بَعْدَ عِتْقِهِمَا، وَأَجَابَ ابْنُ الْقَاصِّ هُنَا بِالْقَبُولِ، وَيَجْرِيَانِ فِيمَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ مِنَ الشُّفَعَاءِ بِعَفْوِ شَفِيعٍ ثَالِثٍ قَبْلَ عَفْوِهِمَا، فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا، ثُمَّ عَفَوَا، وَأَعَادَاهَا، وَفِيمَا شَهِدَ اثْنَانِ لِمُورِّثِهِمَا بِجِرَاحَةٍ غَيْرِ مُنْدَمِلَةٍ، فَرُدَّتْ، ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ الِانْدِمَالِ، وَلَوْ شَهِدَ فَرْعَانِ عَلَى شَهَادَةِ أَصْلٍ، فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُمَا لِفِسْقِ الْأَصْلِ، فَقَدْ صَارَتْ شَهَادَةً مَرْدُودَةً. فَلَوْ تَابَ، وَشَهِدَ بِنَفْسِهِ، وَأَعَادَ الْفَرْعَانِ شَهَادَتَهُمَا عَلَى شَهَادَتِهِ، أَوْ شَهِدَ عَلَى شَهَادَتِهِ فَرْعَانِ آخَرَانِ، لَمْ تُقْبَلْ، وَلَوْ رُدَّتْ شَهَادَةُ الْفَرْعَيْنِ، لِفِسْقِهِمَا، لَمْ تَتَأَثَّرْ بِهِ شَهَادَةُ الْأَصْلِ.

السَّبَبُ السَّادِسُ: الْحِرْصُ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْمُبَادَرَةِ: اعْلَمْ أَنَّ الْحُقُوقَ ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ لَا تَجُوزُ الْمُبَادَرَةُ إِلَى الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ، وَضَرْبٌ يَجُوزُ، وَتُسَمَّى الشَّهَادَةُ عَلَى هَذَا الثَّانِي عَلَى وَجْهِ الْمُبَادَرَةِ شَهَادَةَ حِسْبَةٍ، فَحَيْثُ لَا يَجُوزُ، فَالْمُبَادِرُ مُتَّهَمٌ، فَلَا تُقْبِلُ شَهَادَتَهُ، وَالْمُبَادَرَةُ أَنْ يَشْهَدَ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ دَعْوَى، فَإِنْ شَهِدَ بَعْدَ دَعْوَى قَبْلَ أَنْ يُسْتَشْهَدَ، رُدَّتْ شَهَادَتُهُ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ لِلتُّهْمَةِ، وَإِذَا رَدَدْنَاهَا، فَفِي مَصِيرِهِ مَجْرُوحًا وَجْهَانِ، الْأَصَحُّ لَا، وَبِهِ قَطَعَ أَبُو عَاصِمٍ، وَظَاهِرُ هَذَا كَوْنُ الْخِلَافِ فِي سُقُوطِ عَدَالَتِهِ مُطْلَقًا، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبَا سَعْدٍ الْهَرَوِيَّ، قَالَ: الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْمُبَادَرَةَ مِنَ الصَّغَائِرِ، أَمْ مِنَ الْكَبَائِرِ، لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>