أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ شَارَكَهُ الْمُكَذِّبُ، فَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ مِنَ الصُّلْحِ هُنَا قَوْلًا أَنَّ مَا أَخَذَهُ الْحَالِفُ يُشَارِكُهُ فِيهِ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ يَثْبُتُ عَلَى الشُّيُوعِ.
وَقَطَعَ الْجُمْهُورُ بِأَنْ لَا شَرِكَةَ هُنَا، كَمَا نُصَّ، وَالْفَرْقُ مِنْ وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الْإِمَامُ، أَحَدُهُمَا: أَنَّ صُورَةَ الصُّلْحِ مُصَوَّرَةٌ فِي عَيْنٍ، وَأَعْيَانُ التَّرِكَةِ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَالْمُصَدِّقُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهُ مِنَ التَّرِكَةِ، وَالصُّورَةُ هُنَا فِي دَيْنٍ، وَالدَّيْنُ إِنَّمَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَالْقَبْضِ، فَالَّذِي أَخَذَهُ الْحَالِفُ يَتَعَيَّنُ لِنَصِيبِهِ بِالْقَبْضِ، فَلَمْ يُشَارِكْهُ الْآخَرُ فِيهِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَتْ صُورَةُ الصُّلْحِ فِي دَيْنٍ، لَمْ تَثْبُتِ الشَّرِكَةُ. وَلَوْ فُرِضَ شَاهِدُ وَيَمِينُ بَعْضِ الْوَرَثَةِ فِي عَيْنٍ، تَثْبُتُ الشَّرِكَةُ.
وَالْفَرْقُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْجُمْهُورُ أَنَّ الثُّبُوتَ هُنَا بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَلَوْ أَثْبَتْنَا الشَّرِكَةَ لَمَلَّكْنَا النَّاكِلَ بِيَمِينِ غَيْرِهِ وَهُنَاكَ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ إِقْرَارُ الْمُصَدِّقِ بِأَنَّهُ إِرْثٌ، فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَلَا فِي صُورَةِ إِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَأَشَارَ فِي «الْوَسِيطِ» إِلَى تَخْرِيجِ خِلَافٍ فِي مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ بِمَا نَحْنُ فِيهِ، وَلَا يُعْرَفُ هَذَا لِغَيْرِهِ، وَهَلْ يُقْضَى مَنْ نَصِيبِ الْحَالِفِ جَمِيعُ الدَّيْنِ أَمْ بِالْحِصَّةِ؟ قَالَ فِي «الشَّامِلِ» يُبْنَى عَلَى أَنَّ الْغَرِيمَ هَلْ يَحْلِفُ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا قَضَاءُ حِصَّتِهِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا، بُنِيَ عَلَى أَنَّ مَنْ يَحْلِفُ مِنَ الْوَرَثَةِ هَلْ يُشَارِكُ الْحَالِفَ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ قَضَى الْجَمِيعُ، لِأَنَّا أَعْطَيْنَاهُ حُكْمَ التَّرِكَةِ وَإِلَّا فَبِالْحِصَّةِ. هَذَا حُكْمُ نَصِيبِ الْحَالِفِ، أَمَّا مَنْ لَمْ يَحْلِفْ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا كَامِلَ الْحَالِ، وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ، ذَكَرَ الْإِمَامُ أَنَّ حَقَّهُ يَبْطُلُ بِالنُّكُولِ، وَلَوْ مَاتَ، لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ أَنْ يَحْلِفَ.
وَفِي كِتَابِ ابْنِ كَجٍّ مَا يُنَازَعُ فِيهِ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ أَرَادَ وَارِثُهُ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدًا آخَرَ لِيَحْلِفَ مَعَهُ، لَمْ يَكُنْ لَهُ أَيْضًا، لَكِنْ هَلْ يُضَمُّ هَذَا الشَّاهِدُ إِلَى الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ، لِيُحْكَمَ بِالْبَيِّنَةِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute