جَارِيَانِ فِيمَا لَوْ أَقَامَ مُدَّعٍ شَاهِدًا فِي خُصُومَةٍ، ثُمَّ مَاتَ، فَأَقَامَ وَارِثُهُ شَاهِدًا آخَرَ، فَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: عَلَيْهِ تَجْدِيدُ الدَّعْوَى، وَإِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، وَأَنَّهُ لَوْ أَقَامَ الْوَرَثَةُ شَاهِدًا، وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَاتَ بَعْضُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يَنْكِلَ، كَانَ لِوَارِثِهِ أَنْ يَحْلِفَ، لَكِنْ هَلْ يَحْتَاجُ إِلَى إِعَادَةِ الدَّعْوَى وَالشَّاهِدِ؟ فِيهِ التَّرَدُّدُ الْمَذْكُورُ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ.
وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَمْ يَحْلِفْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ غَائِبًا، نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْمَجْنُونِ أَنَّهُ يُوقَفُ نَصِيبُهُ. وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهُ، فَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَعَامَّةُ الْأَصْحَابِ: الْمُرَادُ أَنَّا نَمْتَنِعُ مِنَ الْحُكْمِ فِي نَصِيبِهِ، وَيَتَوَقَّفُ حَتَّى يُفِيقَ، فَيَحْلِفَ أَوْ يَنْكِلَ، وَلَا يُؤْخَذُ نَصِيبُهُ وَقِيلَ: أَرَادَ أَنَّهُ يُؤْخَذُ نَصِيبُهُ وَيُوقَفُ، وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْهِ أَنَّ الْحَيْلُولَةَ هَلْ تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ؟ وَالصَّبِيُّ وَالْغَائِبُ كَالْمَجْنُونِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحَاضِرُ الَّذِي لَمْ يَشْرَعْ فِي الْخُصُومَةِ، أَوْ لَمْ يَشْعُرْ بِالْحَالِ، كَالْمَجْنُونِ فِي بَقَاءِ حَقِّهِ بِخِلَافِ مَا سَبَقَ فِي النَّاكِلِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالصَّحِيحِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ نَصِيبُ الْمَعْذُورِينَ، فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُمْ حَلَفُوا وَأَخَذُوا نَصِيبَهُمْ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى إِعَادَةِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتِ الدَّعْوَى لَا عَنْ جِهَةِ الْإِرْثِ، بِأَنْ قَالَ: أَوْصَى لِي وَلِأَخِي الْغَائِبِ أَوِ الصَّبِيِّ أَبُوكَ بِكَذَا، أَوِ اشْتَرَيْتُ مَعَ أَخِي الْغَائِبِ مِنْكَ كَذَا، وَأَقَامَ شَاهِدًا، وَحَلَفَ مَعَهُ، فَإِنَّهُ إِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ، وَبَلَغَ الصَّبِيُّ يَحْتَاجَانِ إِلَى تَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَإِعَادَةِ الشَّهَادَةِ أَوْ شَاهِدٍ آخَرَ، وَلَا يُؤْخَذُ نَصِيبُهُمَا قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى فِي الْمِيرَاثِ عَنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْمَيِّتُ، وَكَذَلِكَ يُقْضَى دَيْنُهُ مِنَ الْمَأْخُوذِ، وَفِي غَيْرِ الْمِيرَاثِ الدَّعْوَى وَأَلْحَقَ الْأَشْخَاصُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute