للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ أَوْ وِلَايَةٍ.

ثُمَّ مَا ذَكَرْنَا فِي الْمِيرَاثِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ إِلَى إِعَادَةِ الشَّهَادَةِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُ الشَّاهِدِ، فَإِنْ تَغَيَّرَ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَالَ الْقَفَّالُ: لَا يَقْدَحُ وَلِلصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْغَائِبِ إِذَا زَالَ عُذْرُهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا؛ لِأَنَّهُ قَدِ اتَّصَلَ الْحُكْمُ بِشَهَادَتِهِ، فَلَا أَثَرَ لِلتَّغَيُّرِ، وَالثَّانِي، وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ: لَا يَحْلِفُونَ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ اتَّصَلَ بِشَهَادَتِهِ فِي حَقِّ الْحَالِفِ فَقَطْ، وَلِهَذَا لَوْ رَجَعَ الشَّاهِدُ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَحْلِفُوا، وَلَوْ مَاتَ الْغَائِبُ أَوِ الصَّبِيُّ، فَلِوَارِثِهِ أَنْ يَحْلِفَ وَيَأْخُذَ حِصَّتَهُ، فَإِنْ كَانَ وَارِثُهُ هُوَ الْحَالِفُ، لَمْ تُحْسَبْ يَمِينُهُ الْأُولَى.

وَلَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَرَثَةِ رَجُلٍ أَنَّ مُوَرِّثَكُمْ أَوْصَى لِي وَلِأَخِي، أَوْ وَلِأَجْنَبِيٍّ بِكَذَا، وَأَقَامَ شَاهِدًا، وَحَلَفَ مَعَهُ، وَأَخَذَ نَصِيبَهُ، لَمْ يُشَارِكْهُ الْآخَرُ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ، ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ أَنَّ مَنْ يَحْلِفُ مِنَ الْوَرَثَةِ عَلَى دَيْنٍ أَوْ عَيْنٍ لِلْمُوَرِّثِ يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ لَا عَلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ، سَوَاءٌ حَلَفَ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ، وَكَذَا الْغَرِيمُ وَالْمُوصَى لَهُ إِذَا قُلْنَا: يَحْلِفَانِ، وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ إِشْعَارٌ بِخِلَافِهِ.

وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إِذَا أَقَامَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ شَاهِدًا وَاحِدًا، وَحَلَفَ مَعَهُ، فَأَمَّا إِذَا أَقَامَ بَعْضُهُمْ شَاهِدَيْنِ، فَإِنَّهُ يُثْبِتُ الْمُدَّعَى كُلَّهُ، فَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ مِنَ الْوَرَثَةِ، أَوْ بَلَغَ صَبِيُّهُمْ، أَوْ عَقَلَ مَجْنُونُهُمْ، أَخَذَ نَصِيبَهُ، وَلَا حَاجَةَ إِلَى تَجْدِيدِ الدَّعْوَى وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ، وَيَنْتَزِعُ الْقَاضِي بَعْدَ تَمَامِ الْبَيِّنَةِ نَصِيبَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، دَيْنًا كَانَ أَوْ عَيْنًا، ثُمَّ يَأْمُرُ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْغِبْطَةِ كَيْلَا يَضِيعَ عَيْنَ مَالِهِ، وَأَمَّا نَصِيبُ الْغَائِبِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا انْتَزَعَهَا، وَكَلَامُ الْأَصْحَابِ يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا الِانْتِزَاعَ وَاجِبٌ وَهُوَ الظَّاهِرُ، لَكِنْ سَبَقَ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ حَمَلَ الْمَغْصُوبَ إِلَى الْقَاضِي وَالْمَالِكُ غَائِبٌ، فَفِي وُجُوبِ قَبُولِهِ وَجْهَانِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَعُودَ ذَلِكَ الْخِلَافُ هُنَا مَعَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ، وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>