لِأَبِينَا وَقَفَهَا عَلَيْنَا وَعَلَى فُلَانٍ، تَثْبُتُ دَعْوَى الْغَصْبِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَيَثْبُتُ بِهِمَا أَيْضًا الْوَقْفُ إِنْ أَثْبَتْنَاهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَإِلَّا فَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِمْ. وَلَوْ مَاتَ عَنْ بَنِينَ، فَادَّعَى ثَلَاثَةٌ مِنْهُمْ أَنَّ أَبَاهُمْ وَقَفَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الدَّارَ، وَأَنْكَرَ سَائِرُ الْوَرَثَةِ، فَأَقَامُوا شَاهِدًا لِيَحْلِفُوا مَعَهُ تَفْرِيعًا عَلَى ثُبُوتِ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَلِدَعْوَاهُمْ صُورَتَانِ إِحْدَاهُمَا:
أَنْ يَدَّعُوا وَقَفَ تَرْتِيبٍ، فَيَقُولُوا: وَقَفَ عَلَيْنَا وَبَعْدَنَا عَلَى أَوْلَادِنَا وَعَلَى الْفُقَرَاءِ، فَلَهُمْ بَعْدَ إِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ: أَنْ يَحْلِفُوا جَمِيعًا، فَيَثْبُتُ الْوَقْفُ، وَلَا حَقَّ لِسَائِرِ الْوَرَثَةِ فِي الدَّارِ، فَإِذَا انْقَرَضَ الْمُدَّعُونَ، أَخَذَ الْبَطْنُ الثَّانِي الدَّارَ وَقْفًا، وَهَلْ يَأْخُذُونَهُ بِيَمِينٍ أَمْ بِلَا يَمِينٍ؟ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ قَوْلَانِ، الْأَصَحُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: بِلَا يَمِينٍ وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» وَإِذَا انْتَهَى الِاسْتِحْقَاقُ إِلَى الْبَطْنِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ عَادَ الْخِلَافُ، فَإِنْ قُلْنَا: يَأْخُذُونَ بِيَمِينٍ مَكَانَ الْحَقِّ بَعْدَ الْبَنِينَ الثَّلَاثَةِ لِلْفُقَرَاءِ، نُظِرَ إِنْ كَانُوا مَحْصُورِينَ، كَفُقَرَاءِ قَرْيَةٍ وَمَحَلَّةٍ، فَكَذَلِكَ الْجَوَابُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مَحْصُورِينَ فَهَلْ يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَتَعُودُ الدَّارُ إِرْثًا، أَمْ يُصْرَفُ إِلَيْهِمْ بِلَا يَمِينٍ أَمْ يُصْرَفُ إِلَى أَقْرَبِ النَّاسِ إِلَى الْوَاقِفِ بِنَاءً عَلَى تَعَذُّرِ مَصْرِفِهِ كَالْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ يَأْخُذُونَ بِلَا يَمِينٍ وَتَسْقُطُ هُنَا لِتَعَذُّرِهَا وَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَوُجُودِ الْمَصْرَفِ بِخِلَافِ الْمُنْقَطِعِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ مَاتَ أَحَدُ الْحَالِفِينَ، صُرِفَ نُصِيبُهُ إِلَى الْآخَرِينَ، فَإِنْ مَاتَ آخَرُ، صُرِفَ الْجَمِيعُ إِلَى الثَّالِثِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْبَطْنِ الثَّانِي إِنَّمَا هُوَ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْأَوَّلِينَ، ثُمَّ أَخْذُ الْآخِرِينَ يَكُونُ بِلَا يَمِينٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ كَالْبَطْنِ الثَّانِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute