السَّبَبُ الثَّالِثُ: أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبَ الْوُجُوبِ، فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ قَرْضٍ، أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ، فَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى شَهَادَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ الْقَاضِي، وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ اسْتِرْعَاءٌ؛ لِأَنَّ الْإِسْنَادَ إِلَى السَّبَبِ يَقْطَعُ احْتِمَالَ الْوَعْدِ وَالتَّسَاهُلِ، هَذَا مَا يُوجَدُ لِعَامَّةِ الْأَصْحَابِ، وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَاتِمٍ الْقَزْوِينِيُّ وَجْهًا أَنَّ الْإِسْنَادَ إِلَى السَّبَبِ لَا يَكْفِي لِلتَّحَمُّلِ، وَوَجْهًا أَنَّ الشَّهَادَةَ عِنْدَ الْقَاضِي لَا تَكْفِي أَيْضًا، بَلْ يُشْتَرَطُ الِاسْتِرْعَاءُ، وَالصَّحِيحُ مَا سَبَقَ.
فَرْعٌ
إِذَا قَالَ: عَلَيَّ لِفُلَانٍ أَلْفٌ، فَوَجْهَانِ، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِهَذَا الْقَدْرِ، بَلْ يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ قَرِينَةٌ تُشْعِرُ بِالْوُجُوبِ بِأَنْ يُسْنِدَهُ إِلَى سَبَبٍ، فَيَقُولَ: مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ، أَوْ يَسْتَرْعِيَهُ، فَيَقُولَ: فَاشْهَدْ عَلَيَّ بِهِ، وَالثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ: أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِقْرَارِ كَافٍ لِلتَّحَمُّلِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ يُعْتَبَرُ فِيهَا مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِقْرَارِ، وَلِهَذَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ الْفَاسِقِ وَالْمُغَفَّلِ وَالْمَجْهُولِ دُونَ شَهَادَتِهِمْ.
الْفَرْعُ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ يُبَيِّنُ جِهَةَ التَّحَمُّلِ، فَإِنِ اسْتَرْعَاهُ الْأَصْلُ، قَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا شَهِدَ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا، وَأَشْهَدَنِي عَلَى شَهَادَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَرْعِهِ، بَيَّنَ أَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ أَنَّهُ أَسْنَدَ الْمَشْهُودَ بِهِ إِلَى سَبَبٍ، قَالَ الْإِمَامُ: وَذَلِكَ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى النَّاسِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute