للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

شَرَطَ بَعْضُهُمُ التَّعَرُّضَ لَهَا، فَقُبِلَتْ وَهُنَاكَ قَامَ الشَّاهِدُ الْمُزَكَّى بِأَحَدِ شَطْرَيِ الشَّهَادَةِ، فَلَا يَصِحُّ قِيَامُهُ بِالثَّانِي، وَلَا يُشْتَرَطْ أَنْ يَتَعَرَّضَ الْفُرُوعُ فِي شَهَادَتِهِمْ، لِصِدْقِ الْأُصُولِ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَهُ بِخِلَافِ مَا إِذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدِهِ حَيْثُ يَتَعَرَّضُ لِصِدْقِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُهُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

الْبَابُ السَّادِسُ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ

رُجُوعُ الشُّهُودِ عَنِ الشَّهَادَةِ إِمَّا أَنْ يَقَعَ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِشَهَادَتِهِمْ، وَإِمَّا بَعْدَهُ.

الْحَالَةُ الْأَوْلَى قَبْلَهُ، فَيَمْتَنِعُ مِنَ الْقَضَاءِ ثُمَّ إِنِ اعْتَرَفُوا بِتَعَمُّدِ الْكَذِبِ، فَهُمْ فَسَقَةٌ يَسْتَتِرُونَ، وَإِنْ قَالُوا: غَلِطْنَا، لَمْ يُفَسَّقُوا، لَكِنْ لَا تُقْبَلُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ إِنْ أَعَادُوهَا، وَإِنْ كَانُوا شَهِدُوا بِالزِّنَى فَرَجَعُوا، وَاعْتَرَفُوا بِالتَّعَمُّدِ، فُسِّقُوا وَحُدُّوا حَدَّ الْقَذْفِ، وَإِنْ قَالُوا: غَلِطْنَا، فَفِي حَدِّ الْقَذْفِ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمَنْعُ، لِأَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ، وَأَصَحُّهُمَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّغْيِيرِ، وَكَانَ حَقُّهُمْ أَنْ يَثْبُتُوا، فَعَلَى هَذَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُمْ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا حَدَّ، فَلَا تُرَدُّ، وَإِنْ قَالَ الشُّهُودُ لِلْقَاضِي بَعْدَ الشَّهَادَةِ: تَوَقَّفْ فِي الْقَضَاءِ، وَجَبَ التَّوَقُّفُ، فَإِنْ قَالُوا بَعْدَ ذَلِكَ: اقْضِ، فَنَحْنُ عَلَى شَهَادَتِنَا، فَفِي جَوَازِ الْقَضَاءِ بِشَهَادَتِهِمْ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، فَعَلَى هَذَا هَلْ تَجِبُ إِعَادَةُ الشَّهَادَةِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا، لِأَنَّهُمْ جَزَمُوا بِهَا، وَالشَّكُّ الطَّارِئُ زَالَ.

الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا رَجَعُوا بَعْدَ الْقَضَاءِ، فَرُجُوعُهُمْ إِمَّا قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَإِمَّا بَعْدُ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، نُظِرَ إِنْ كَانَتِ الشَّهَادَةُ فِي مَالٍ اسْتُوْفِيَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي قِصَاصٍ، أَوْ حَدِّ الْقَذْفِ، لَمْ يَسْتَوْفِ عَلَى الْمَذْهَبِ، لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ، وَالرُّجُوعُ شُبْهَةٌ بِخِلَافِ الْمَالِ، فَإِنَّهُ لَا يَتَأَثَّرُ بِالشُّبْهَةِ، وَوَجْهُ الْجَوَازِ أَنَّ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الضِّيقِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي حُدُودِ اللَّهِ - تَعَالَى - لَمْ تُسْتَوْفَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>