للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيلَ: كَالْقِصَاصِ. وَإِنْ كَانَتْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْعُقُودِ، أُمْضِيَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: النِّكَاحُ كَحَدِّ الْقَذْفِ، وَحَيْثُ قُلْنَا بِالِاسْتِيفَاءِ، بَعْدَ الرُّجُوعِ، فَاسْتَوْفَى، فَالْحُكْمُ كَمَا لَوْ رَجَعُوا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، أَمَّا إِذَا رَجَعُوا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ، فَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ. ثُمَّ قَدْ تَكُونُ الشَّهَادَةُ فِيمَا يَتَعَذَّرُ تَدَارُكُهُ وَرَدُّهُ، وَقَدْ تَكُونُ فِيمَا لَا يَتَعَذَّرُ، فَهُمَا ضَرْبَانِ الْأَوَّلُ الْمُتَعَذَّرُ وَهُوَ نَوْعَانِ، أَحَدُهُمَا: الْعُقُوبَاتُ، فَإِذَا شَهِدُوا بِالْقَتْلِ، فَاقْتُصَّ مِنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعُوا، وَقَالُوا: تَعَمَّدْنَا قَتْلَهُ، فَعَلَيْهِمُ الْقِصَاصُ، أَوِ الدِّيَةُ الْمُغَلَّظَةُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى عَدَدِ رُءُوسِهِمْ، كَمَا سَبَقَ فِي الْجِنَايَاتِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ شَهِدُوا بِالرِّدَّةِ فَقُتِلَ، أَوْ بِزِنَى الْمُحْصَنِ فَرُجِمَ، أَوْ عَلَى بَكْرٍ، فَجُلِدَ وَمَاتَ مِنْهُ، أَوْ بِسَرِقَةٍ أَوْ قَطْعٍ فَقُطِعَ، أَوْ بِقَذْفٍ أَوْ شُرْبٍ فَجُلِدَ وَمَاتَ مِنْهُ، ثُمَّ رَجَعُوا. وَيُحَدُّونَ فِي شَهَادَةِ الزِّنَى وَحَدِّ الْقَذْفِ أَوْ لَا، ثُمَّ يُقْتَلُونَ، وَهَلْ يُرْجَمُونَ أَوْ يُقْتَلُونَ بِالسَّيْفِ؟ فِيهِ احْتِمَالَانِ، ذَكَرَهُمَا أَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

ثُمَّ هُنَا صُوَرٌ إِحْدَاهَا: لَوْ رَجَعَ الْقَاضِي دُونَ الشُّهُودِ، وَقَالَ: تَعَمَّدْتُ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، أَوِ الدِّيَةُ الْمُغْلَّظَةُ وَبِكَمَالِهَا، وَلَوْ رَجَعَ الْقَاضِي وَالشُّهُودُ جَمِيعًا، لَزِمَهُمُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَالُوا: أَخْطَأْنَا، أَوْ عَفَا عَلَى مَالٍ، فَالدِّيَةُ مُنَصَّفَةٌ، عَلَيْهِمَا نِصْفُهَا، وَعَلَيْهِ نِصْفُهَا، هَكَذَا نَقَلَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَقِيَاسُهُ أَنْ لَا يَجِبَ كَمَالُ الدِّيَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِ وَحْدَهُ، كَمَا لَوْ رَجَعَ بَعْضُ الشُّهُودِ، وَلَوْ رَجَعَ وَلِيُّ الدَّمِ وَحْدَهُ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، أَوْ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَلَوْ رَجَعَ مَعَ الشُّهُودِ، فَوَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ أَنَّ الْقِصَاصَ أَوْ كَمَالَ الدِّيَةِ عَلَى الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ، وَهُمْ مَعَهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ أَنَّهُمْ مَعَهُ، كَالشَّرِيكِ لِتَعَاوُنِهِمْ عَلَى الْقَتْلِ، لَا كَالْمُمْسِكِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُمْ كَالْمُحِقِّينَ، فَعَلَى هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>