للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ شَرِيكَ الْمُخْطِئِ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ، وَقِسْطُ الْمُخْطِئِ مِنَ الدِّيَةِ يَكُونُ مُخَفَّفًا، وَقِسْطُ الْمُتَعَمِّدِ يَكُونُ مُغَلَّظًا. وَلَوْ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ: تَعَمَّدْتُ، وَأَخْطَأَ صَاحِبِي، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: يَجِبُ الْقِصَاصُ لِاعْتِرَافِهِمَا بِالْعَمْدِيَّةِ، وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ الدِّيَةَ تَجِبُ عَلَيْهِمَا مُغْلِظَةً. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: تَعَمَّدْتُ وَأَخْطَأَ صَاحِبِي، أَوْ قَالَ: وَلَا أَدْرِي أَتَعَمَّدَ صَاحِبِي أَمْ أَخْطَأَ، وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ أَوْ مَيِّتٌ، فَلَا قِصَاصَ، وَلَوْ قَالَ: تَعَمَّدْتُ وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي، وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ أَوْ مَيِّتٌ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ. وَلَوْ قَالَ: تَعَمَّدْتُ وَلَا أَعْلَمَ حَالَ صَاحِبِي، وَقَالَ صَاحِبُهُ مِثْلَهُ، أَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: تَعَمَّدْتُ، لَزِمَهُمَا الْقِصَاصُ، ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ.

وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: تَعَمَّدْتُ أَنَا وَصَاحِبِي، وَقَالَ الْآخَرُ: أَخْطَأْتُ أَوْ أَخْطَأْنَا مَعًا، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الثَّانِي، وَيَلْزَمُ الْأَوَّلَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: تَعَمَّدْتُ وَتَعَمَّدَ صَاحِبِي، وَقَالَ صَاحِبُهُ: تَعَمَّدْتُ وَأَخْطَأَ هُوَ، وَجَبَ الْقِصَاصُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الثَّانِي عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَرِفْ إِلَّا بِشَرِكَةِ مُخْطِئٍ. وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ، وَأَصَرَّ الْآخَرُ، وَقَالَ الرَّاجِعُ: تَعَمَّدْتُ، لَزِمَهُ الْقِصَاصُ، وَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: تَعَمَّدْتُ، فَلَا.

الرَّابِعَةُ: مَا ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الشُّهُودِ الرَّاجِعِينَ فِيمَا إِذَا قَالُوا: تَعَمَّدْنَا، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُقْتَلُ بِشَهَادَتِنَا، فَإِنْ قَالُوا: تَعَمَّدْنَا، وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ يُقْتَلُ، فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَجَبَ الْقِصَاصُ، وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمْ، كَمَنْ رَمَى سَهْمًا إِلَى رَجُلٍ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ قَصَدَهُ، وَلَكِنْ قَالَ: لَمْ أَعْلَمْ أَنَّهُ يَبْلُغُهُ، وَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ يَجُوزُ خَفَاؤُهُ عَلَيْهِمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>