لِقُرْبِ عَهْدِهِمْ بِالْإِسْلَامِ، فَالَّذِي قَالَ الْأَصْحَابُ: إِنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ لَا يُوجِبُ قِصَاصًا، وَمَالَ الْإِمَامُ إِلَى وُجُوبِهِ، وَحَكَى الرُّويَانِيُّ وَجْهًا شَاذًّا مَأْخُوذًا، مِمَّا لَوْ ضُرِبَ الْمَرِيضُ ضَرْبًا يَقْتُلُ الْمَرِيضَ دُونَ الصَّحِيحِ، وَلَمْ يَعْلَمْ مَرَضَهُ، وَأَمَّا الدِّيَةُ، فَتَجِبُ فِي مَالِ الشُّهُودِ مُؤَجَّلَةً فِي ثَلَاثِ سِنِينَ إِلَّا أَنْ تُصَدِّقَهُمُ الْعَاقِلَةُ، فَيَجِبُ عَلَيْهَا، وَقَالَ الْقَفَّالُ: حَالَّةٌ لِتَعَمُّدِهِمْ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَبِهِ قَطَعَ الْجُمْهُورُ.
فَرْعٌ
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: لَوْ رَجَعَ الشُّهُودُ، وَقَالُوا: أَخْطَأْنَا، وَادَّعَوْا أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَعْرِفُ أَنَّهُمْ أَخْطَئُوا، وَأَنَّ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ، فَأَنْكَرَتِ الْعَاقِلَةُ الْعِلْمَ، فَلَيْسَ لِلشُّهُودِ تَحْلِيفُهُمْ، وَأَنَّمَا يُطَالِبُ الْعَاقِلَةَ إِذَا قَامَتِ الْبَيِّنَةُ، قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ لَهُمْ تَحْلِيفَهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوا لَغَرِمُوا.
النَّوْعُ الثَّانِي: غَيْرُ الْعُقُوبَاتِ، فَمِنْهُ الْإِبْضَاعُ فَإِذَا شَهِدُوا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَضَاعٍ مُحَرِّمٍ، أَوْ لِعَانٍ أَوْ فَسْخٍ بِعَيْبٍ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ جِهَاتِ الْفِرَاقِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا، ثُمَّ رَجَعَا لَمْ يَرْتَفِعِ الْفِرَاقُ، لَكِنْ يَغْرَمَانِ، سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، غَرِمَا مَهْرَ الْمِثْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَفِي قَوْلٍ: الْمُسَمَّى، وَإِنْ كَانَ قَبْلَهُ، فَهَلْ يَغْرَمَانِ مَهْرَ الْمِثْلِ أَمْ نِصْفَهُ؟ فِيهِ نَصَّانِ، وَنَصٌّ فِيمَا لَوْ أَفْسَدَتِ امْرَأَةٌ نِكَاحَهُ بِرَضَاعٍ أَنَّهَا تَغْرَمُ نِصْفَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَلِلْأَصْحَابِ طُرُقٌ، الْمَذْهَبُ وُجُوبُ النِّصْفِ فِي الرَّضَاعِ، وَجَمِيعِ مَهْرِ الْمِثْلِ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ، وَفِي قَوْلٍ نِصْفُهُ، وَفِي قَوْلٍ نِصْفُ الْمُسَمَّى، وَفِي قَوْلٍ جَمِيعُهُ، وَقِيلَ: يَجِبُ جَمِيعُ مَهْرِ الْمِثْلِ قَطْعًا، وَقِيلَ: نِصْفُهُ قَطْعًا، وَقِيلَ: إِنْ كَانَ الزَّوْجُ سَلَّمَ إِلَيْهَا الصَّدَاقَ، غَرِمَ الشُّهُودُ جَمِيعَ مَهْرِ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَمَكَّنُ مِنَ اسْتِرْدَادِ شَيْءٍ، وَإِلَّا فَنَصِفُهُ، وَلَوْ تَزَوَّجَهَا مُفَوَّضَةً، وَشَهِدَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالْفَرْضِ، وَقَضَى الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَالْمُتْعَةِ، ثُمَّ رَجَعَا فَالْخِلَافُ فِي أَنَّهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute