فَرْعٌ
تَجُوزُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ فِي كُلِّ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْقِتَالِ، وَلَا تَجُوزُ فِي الْمَعْصِيَةِ، فَتَجُوزُ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَلِأَهْلِ الْعَدْلِ فِي قِتَالِ الْبُغَاةِ، وَلِلرُّفْقَةِ فِي قُطَّاعِ الطَّرِيقِ، وَلَا تَجُوزُ لِلْبُغَاةِ وَالْقُطَّاعِ، وَلَوْ قُصِدَ نَفْسُ رَجُلٍ، أَوْ حَرِيمُهُ، أَوْ نَفْسُ غَيْرِهِ، أَوْ حَرِيمُهُ، وَأُشْغِلَ بِالدَّفْعِ، صَلَّى هَذِهِ الصَّلَاةَ. وَلَوْ قُصِدَ مَالُهُ، نُظِرَ، إِنْ كَانَ حَيَوَانًا، فَكَذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: جَوَازُهَا. وَالثَّانِي: لَا. أَمَّا إِذَا وَلَّوْا ظُهُورَهُمُ الْكُفَّارَ مُنْهَزِمِينَ، فَنَنْظُرُ، إِنْ كَانَ يَحِلُّ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ فِي مُقَابَلَةِ كُلِّ مُسْلِمٍ أَكْثَرُ مِنْ كَافِرَيْنِ، أَوْ كَانَ مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ، أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ، جَازَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ، وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ. وَلَوِ انْهَزَمَ الْكُفَّارُ وَتَبِعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ، بِحَيْثُ لَوْ ثَبَتُوا وَأَكْمَلُوا الصَّلَاةَ، فَاتَهُمُ الْعَدُوُّ، لَمْ تَجُزْ هَذِهِ الصَّلَاةُ، وَإِنْ خَافُوا كَمِينًا أَوْ كَرَّتَهُمْ، جَازَتْ.
الرُّخْصَةُ فِي هَذَا النَّوْعِ لَا تَخْتَصُّ بِالْقِتَالِ، بَلْ يَتَعَلَّقُ بِالْخَوْفِ مُطْلَقًا. فَلَوْ هَرَبَ فِي سَبِيلٍ، أَوْ حَرِيقٍ وَلَمْ يَجِدْ مَعْدِلًا عَنْهُ، أَوْ هَرَبَ مِنْ سَبُعٍ، فَلَهُ صَلَاةُ شِدَّةِ الْخَوْفِ. وَالْمَدْيُونُ الْمُعْسِرُ الْعَاجِزُ عَنْ بَيِّنَةِ الْإِعْسَارِ وَلَا يُصَدِّقُهُ الْمُسْتَحِقُّ، وَلَوْ ظَفَرَ بِهِ حَبَسَهُ، لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا هَارِبًا، عَلَى الْمَذْهَبِ. وَحُكِيَ عَنِ (الْإِمْلَاءِ) أَنَّ مَنْ طُلِبَ لَا لِيُقْتَلَ، بَلْ لِيُحْبَسَ أَوْ يُؤْخَذَ مِنْهُ شَيْءٌ: لَا يُصَلِّيهَا. وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قِصَاصٌ يَرْجُو الْعَفْوَ إِذَا سَكَنَ الْغَضَبُ، قَالَ الْأَصْحَابُ: لَهُ أَنْ يَهْرُبَ وَيُصَلِّيَ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ فِي هَرَبِهِ، وَاسْتَبْعَدَ الْإِمَامُ جَوَازَ هَرَبِهِ بِهَذَا التَّوَقُّعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute