للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرْعٌ

الْمُحْرِمُ إِذَا ضَاقَ وَقْتُ وُقُوفِهِ، وَخَافَ فَوْتَ الْحَجِّ، إِنْ صَلَّى مُتَمَكِّنًا، فِيهِ أَوْجُهٌ لِلْقَفَّالِ. أَحَدُهَا: يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ وَيُحَصِّلُ الْوُقُوفَ، لِأَنَّ قَضَاءَ الْحَجِّ صَعْبٌ. وَالثَّانِي: يُصَلِّي صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ فَيُحَصِّلُ الصَّلَاةَ وَالْحَجَّ. وَالثَّالِثُ: تَجِبُ الصَّلَاةُ عَلَى الْأَرْضِ مُسْتَقِرًّا، وَيَفُوتُ الْحَجُّ، لِعِظَمِ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ، وَلَا يُصَلِّي صَلَاةَ الْخَوْفِ، لِأَنَّهُ مُحَصِّلٌ لَا هَارِبٌ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْوَجْهُ أَوْفَقَ لِكَلَامِ الْأَئِمَّةِ.

قُلْتُ: هَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ، وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّا جَوَّزْنَا تَأْخِيرَ الصَّلَاةِ لِأُمُورٍ لَا تُقَارِبُ الْمَشَقَّةُ فِيهَا هَذِهِ الْمَشَقَّةَ، كَالتَّأْخِيرِ لِلْجَمْعِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.

فَرْعٌ

لَوْ رَأَوْا سَوَادًا إِبِلًا أَوْ شَجَرًا، فَظَنُّوهُ عَدُوًّا، فَصَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، فَبَانَ الْحَالُ، وَجَبَ الْقَضَاءُ عَلَى الْأَظْهَرِ، ثُمَّ قِيلَ: الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا أَخْبَرَهُمْ بِالْعَدُوِّ ثِقَةٌ وَغَلِطَ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا ظَنُّهُمْ، وَجَبَ الْقَضَاءُ قَطْعًا. وَقِيلَ: الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا كَانُوا فِي دَارِ الْحَرْبِ لِغَلَبَةِ الْخَوْفِ، فَإِنْ كَانُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَجَبَ الْقَضَاءُ قَطْعًا. وَالْمَذْهَبُ جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ. وَلَوْ تَحَقَّقُوا الْعَدُوَّ، فَصَلَّوْا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ كَانَ دُونَهُمْ حَائِلٌ مِنْ خَنْدَقٍ، أَوْ مَاءٍ، أَوْ نَارٍ، أَوْ بَانَ أَنَّهُ كَانَ بِقُرْبِهِمْ حِصْنٌ يُمْكِنُهُمُ التَّحَصُّنُ بِهِ، أَوْ ظَنُّوا أَنَّ بِإِزَاءِ كُلِّ مُسْلِمٍ أَكْثَرَ مِنْ مُشْرِكَيْنِ، فَصَلَّوْهَا مُنْهَزِمِينَ، ثُمَّ بَانَ خِلَافُ ذَلِكَ، فَحَيْثُ أَجْرَيْنَا فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ الْقَوْلَيْنِ، جَرْيًا فِي هَذِهِ وَنَظَائِرِهَا، وَقِيلَ: يَجِبُ الْقَضَاءُ هُنَا قَطْعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>