عَلَيْهِ بِعَارِيَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، سُمِعَتْ، فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَادَّعَى لِنَفْسِهِ حَقًّا لَازِمًا، كَرَهْنٍ وَإِجَارَةٍ، وَتَعَرَّضَتِ الْبَيِّنَةُ لِذَلِكَ، فَفِي السَّمَاعِ وَجْهَانِ. وَإِذَا سَمِعْنَا بَيِّنَتَهُ لِصَرْفِ الْيَمِينِ عَنْهُ، حُكِمَ لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ، فَإِنْ رَجَعَ الْغَائِبُ، وَأَعَادَ الْبَيِّنَةَ، قُدِّمَتْ بَيِّنَتُهُ، وَإِنْ سَمِعْنَاهَا لِعُلْقَةِ الْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ، فَهَلْ تُقَدَّمُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ، أَمْ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي، وَيَكُونُ فَائِدَةُ بَيَّنَتِهِ صَرْفَ الْيَمِينِ عَنْهُ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ، وَالَّذِي يُفْتَى بِهِ - وَهُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ - أَنَّ الْمُدَّعِيَ إِذَا أَضَافَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إِلَى الْغَائِبِ خُصُومَةً مَعَهُ، وَأُخْرَى مَعَ الْغَائِبِ، فَإِذَا أَقَامَ الْبَيِّنَةَ، انْصَرَفَتِ الْخُصُومَةُ عَنْهُ لَا مَحَالَةَ، وَلَا يَجِيءُ فِيهِ الْوَجْهَانِ الْمَذْكُورَانِ فِيمَا لَوِ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقْرَارِ لِلْغَائِبِ، وَبَنَوْا عَلَى انْصِرَافِ الْخُصُومَةِ عَنْهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ لَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ وَالْحَالَةُ هَذِهِ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الْيَمِينِ مَعَ الْبَيِّنَةِ، وَالْقَضَاءُ قَضَاءٌ عَلَى غَائِبٍ بِلَا خِلَافٍ، وَهِيَ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْغَائِبِ غَيْرُ مَسْمُوعَةٍ، فَلَا يُحْكَمُ لِلْغَائِبِ بِالْمِلْكِ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أَقَامَهَا الْحَاضِرُ عَلَى أَنَّهُ لِلْغَائِبِ، فَإِنْ تَعَرَّضَ الشُّهُودُ مَعَ ذَلِكَ لِكَوْنِهِ فِي رَهْنِ الْحَاضِرِ، وَإِجَارَتِهِ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: تُسْمَعُ هَذِهِ الْبَيِّنَةُ لِلْغَائِبِ أَيْضًا، وَتُرَجَّحُ بَيِّنَتُهُ عَلَى بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي، لِقُوَّتِهَا بِالْيَدِ، وَأَصَحُّهُمَا: لَا تُسْمَعُ، فَعَلَى هَذَا تَعْمَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي.
فَرْعٌ
مَتَى حَكَمْنَا بِانْصِرَافِ الْخُصُومَةِ عَنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ لِحَاضِرٍ أَوْ لِغَائِبٍ أَوْ مَجْهُولٍ عَلَى وَجْهٍ، فَهَلْ لِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُهُ؟ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بَعْدَ إِقْرَارِهِ لِغَيْرِهِ، هَلْ يُغَرَّمُ الْقِيمَةَ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الْإِقْرَارِ، إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، حَلَّفَهُ، فَلَعَلَّهُ يُقِرُّ فَيُغَرَّمُ الْقِيمَةَ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا، فَإِنْ قُلْنَا: النُّكُولُ وَرَدُّ الْيَمِينِ، كَالْإِقْرَارِ، لَمْ يُحَلِّفْهُ، وَإِنْ قُلْنَا: كَالْبَيِّنَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute