أَنْكَرَ مَا ادَّعَيَا وَلَا بَيِّنَةَ، حَلَفَ لِكُلِّ وَاحِدٍ يَمِينًا، وَبَقِيَتِ الدَّارُ فِي يَدِهِ، وَإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً، سُلِّمَتِ الدَّارُ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ لِلْآخَرِ تَحْلِيفُهُ لِتَغْرِيمِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَوِّتْهَا عَلَيْهِ، إِنَّمَا أُخِذَتْ بِالْبَيِّنَةِ، وَلَهُ دَعْوَى الثَّمَنِ، وَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ، نُظِرَ، إِنْ كَانَتَا مُؤَرَّخَتَيْنِ بِتَارِيخٍ مُخْتَلِفٍ، قُدِّمَ أَسْبَقُهُمَا تَارِيخًا، وَإِنْ لَمْ تَكُونَا كَذَلِكَ، فَلَهُ حَالَانِ، الْأُولَى أَنْ يَسْتَمِرَّ صَاحِبُ الْيَدِ عَلَى التَّكْذِيبِ، فَيَتَعَارَضَانِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالسُّقُوطِ سَقَطَتَا، وَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، كَمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَةٌ، وَهَلْ لَهُمَا اسْتِرْدَادُ الثَّمَنِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، هَذَا إِذَا لَمْ تَتَعَرَّضِ الْبَيِّنَةُ لِقَبْضِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ تَعَرَّضَتْ، فَلَا رُجُوعَ بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ اسْتَقَرَّ بِالْقَبْضِ، وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ عُهْدَةُ مَا يَحْدُثُ بَعْدَهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالِاسْتِعْمَالِ، فَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجِيءُ الْوَقْفُ، وَالْأَصَحُّ مَجِيئُهُ، فَتُنْزَعُ الدَّارُ مِنْ يَدِهِ وَالثَّمَنَانِ، وَيُوقَفُ الْجَمِيعُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقُرْعَةِ، فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ، سُلِّمَتْ إِلَيْهِ الدَّارُ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ، وَاسْتَرَدَّ الْآخَرُ الثَّمَنَ الَّذِي أَدَّاهُ، وَإِنْ قُلْنَا بِالْقِسْمَةِ، فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ الدَّارِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ، وَلَهُمَا خِيَارُ الْفَسْخِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ جَمِيعَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَسَخَا اسْتَرَدَّا جَمِيعَ الثَّمَنِ الْمَشْهُودِ بِهِ، وَإِنْ أَجَازَ اسْتَرَدَّ كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ الثَّمَنِ الْمَشْهُودِ بِهِ بِنَاءً عَلَى الْأَظْهَرِ، وَهُوَ أَنَّ الْإِجَازَةَ بِالْقِسْطِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجِيزَ أَحَدُهُمَا، وَيَفْسَخَ الْآخَرُ، وَيَسْتَرِدَّ جَمِيعَ الثَّمَنِ. ثُمَّ إِنْ سَبَقَتِ الْإِجَازَةُ الْفَسْخَ، رَجَعَ الْمُجِيزُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْمَرْدُودَ، وَيَضُمَّهُ إِلَى مَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَجَازَ، رَضِيَ بِالنِّصْفِ، وَإِنْ سَبَقَ الْفَسْخُ الْإِجَازَةَ، فَهَلْ لِلْمُجِيزِ أَخْذُ الْجَمِيعِ؟ وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّا نُفَرِّعُ عَلَى قَوْلِ الْقِسْمَةِ، فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا مَا اقْتَضَتْهُ، وَالْمَرْدُودُ يَعُودُ إِلَى الْبَائِعِ، وَأَصَحُّهُمَا، وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute