بَيِّنَتَهُ قَامَتْ بِالْجَمْعِ، وَقَدْ زَالَ الْمُزَاحِمُ، وَنَقَلَ الرَّبِيعُ قَوْلًا: أَنَّ الْبَيِّعَيْنِ مَفْسُوخَانِ، وَرُوِيَ بَاطِلَانِ، وَهُوَ مَعْنَى مَفْسُوخَانِ هُنَا، وَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَى قَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَامْتَنَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ جَعْلِهِ قَوْلًا، مِنْهُمْ مَنْ غَلَّظَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ تَخْرِيجٌ لَهُ.
الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُصَدِّقَ صَاحِبُ الْيَدِ أَحَدَهُمَا، فَعَلَى قَوْلِ السُّقُوطِ تُسَلَّمُ الدَّارُ لِلْمُصَدَّقِ، وَكَأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ وَلَا بَيِّنَةَ، وَعَلَى قَوْلِ الِاسْتِعْمَالِ وَجْهَانِ، قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: يُقَدَّمُ الْمُصَدَّقُ، وَكَأَنَّهُ نَقَلَ إِلَيْهِ يَدَهُ، فَصَارَ مَعَهُ يَدٌ وَبَيِّنَةٌ، وَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ لِاتِّفَاقِ الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى إِسْقَاطِ يَدِهِ، وَانْتِزَاعِ الْمَالِ مِنْهُ بِاتِّفَاقِ الْأَقْوَالِ، وَالْيَدُ الْمُزَالَةُ لَا يُرَجَّحُ بِهَا، فَعَلَى هَذَا هُوَ كَمَا لَوْ لَمْ يُصَدَّقْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا. ثُمَّ إِنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يُفَرِّقُوا فِيمَا إِذَا لَمْ تَكُنِ الْبَيِّنَتَانِ مُخْتَلِفَتَيِ التَّارِيخِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا مُطْلَقَتَيْنِ أَوْ مُتَّحِدَتَيِ التَّارِيخِ أَوْ إِحْدَاهُمَا مُطْلَقَةً، وَالْأُخْرَى مُؤَرَّخَةً، بَلْ صَرَّحُوا بِالتَّسْوِيَةِ، إِلَّا أَنَّ أَبَا الْفَرَجِ الزَّازَ اسْتَدْرَكَ، فَقَالَ: هَذَا إِذَا لَمْ يُقَدَّمِ الْمُؤَرَّخَةَ عَلَى الْمُطْلَقَةِ، فَإِنْ قَدَّمْنَاهَا قَضَيْنَا لِصَاحِبِهَا وَلَا تَجِيءُ الْأَقْوَالُ.
عَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَاصِمٍ: لَوْ تَعَرَّضَتْ إِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ، لِكَوْنِ الدَّارِ مِلْكَ الْبَائِعِ وَقْتَ الْبَيْعِ، أَوْ لِكَوْنِهَا مِلْكَ الْمُشْتَرِي الْآنَ كَانَتْ مُقَدَّمَةً، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا تَارِيخًا. وَلَوْ ذَكَرَتْ إِحْدَاهُمَا، نَقْدَ الثَّمَنِ دُونَ الْأُخْرَى كَانَتْ مُقَدَّمَةً، سَوَاءٌ كَانَتْ سَابِقَةً، أَمْ مَسْبُوقَةً؛ لِأَنَّ التَّعَرُّضَ لِلنَّقْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute