الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ مِنْ إِطْلَاقِ ابْنِ الْقَاصِّ. قَالَ الْقَفَّالُ: لَكِنْ لَوْ ذَكَرَ الشُّهُودُ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ وَأَخْطَئُوا فِي وَاحِدٍ، لَمْ تَصِحَّ شَهَادَتُهُمْ، فَتَرْكُ الذِّكْرِ خَيْرٌ مِنَ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّهُمْ إِذَا أَخْطَئُوا لَمْ يَكُنْ بِتِلْكَ الْحُدُودِ ضَيْعَةٌ فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِذَا غَلِطَ الْمُدَّعِي، فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: لَا يَلْزَمُنِي تَسْلِيمُ دَارٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ كَانَ صَادِقًا. وَإِذَا حَلَفَ كَانَ بَارًّا. وَإِنْ لَمْ يُنْكِرْ، وَقَالَ: لَا أَمْنَعُهُ الدَّارَ الَّتِي يَدَّعِيهَا، سَقَطَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي، فَإِنْ ذَهَبَ إِلَى الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِهِ لِيَدْخُلَهَا، فَلَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَيَقُولُ: هِيَ غَيْرُ مَا ادَّعَيْتَ، فَأَمَّا إِذَا أَصَابَ فِي الْحُدُودِ، فَقَالَ: لَا أَمْنَعُكَ مِنْهَا، فَلَيْسَ لَهُ الْمَنْعُ إِذَا ذَهَبَ لِيَدْخُلَهَا، فَإِنْ قَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ غَلِطَ فِي الْحُدُودِ، لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ قَالَ: إِنَّمَا قُلْتُ: لَا أَمْنَعُكَ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِي يَوْمَئِذٍ، وَقَدْ صَارَتْ فِي يَدِي وَمِلْكِي، قُبِلَ مِنْهُ، وَلَهُ الْمَنْعُ إِذَا حَلَفَ. وَفِيهِ أَنَّ دَعْوَى الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا تُسْمَعُ إِنْ لَمْ يَشْتَرِ، وَلَمْ يَبِعْ شَيْئًا. وَإِنِ اشْتَرَى ثَوْبًا، وَجَاءَ الْبَائِعُ يُطْلَبُ الثَّمَنَ مِنْ كَسْبِهِ، فَأَنْكَرَ، السَّيِّدُ الْإِذْنَ، فَلِلْبَائِعِ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى نَفْيِ الْإِذْنِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يُحَلِّفَهُ مَرَّةً أُخْرَى، لِيَسْقُطَ الثَّمَنُ عَنْ ذِمَّتِهِ. وَإِنْ بَاعَ الْعَبْدُ عَيْنًا لِلسَّيِّدِ، وَقَبَضَ الثَّمَنَ، وَتَلِفَ فِي يَدِهِ، فَطَلَبَ الْمُشْتَرِي تِلْكَ الْعَيْنَ فَقَالَ السَّيِّدُ: لَمْ آذَنْ لَهُ فِي الْبَيْعِ، حَلَفَ، فَإِنْ حَلَفَ، حُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ، وَالْعَبْدُ يُحَلِّفُهُ لِإِسْقَاطِهِ الثَّمَنَ عَنْ ذِمَّتِهِ. وَأَنَّهُ لَوِ ادَّعَى أَلْفًا، وَأَقَامَ بِهِ شَاهِدًا، وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ، فَأَقَامَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ شَاهِدًا بِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ أَنَّهُ لَا حَقَّ عَلَيْهِ، فَلِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ، فَإِذَا حَلَفَ سَقَطَتْ دَعْوَى الْمُدَّعِي، وَأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute