الْغَائِبِ وَعَلَى الْغَاصِبِ مِنَ الْغَاصِبِ، فَإِنِ ادَّعَى عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ الثَّوْبِ بِصِفَةِ كَذَا، أَوْ قِيمَتِهِ كَذَا، فَلَيْسَ عَلَى الْغَاصِبِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَى الِانْتِزَاعِ لَزِمَهُ الِانْتِزَاعُ وَالرَّدُّ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْقِيمَةُ. وَأَنَّهُمْ لَوْ شَهِدُوا أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ اشْتَرَاهَا الْمُدَّعِي مِنْ فُلَانٍ، وَهُوَ يَمْلِكُهَا، وَلَمْ يَقُولُوا: هِيَ الْآنَ مِلْكُ الْمُدَّعِي، فَفِي قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ قَوْلَانِ، كَمَا لَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ كَانَ مَلَكَهُ أَمْسِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الْجُمْهُورِ قَبُولُهَا. وَأَنَّهُ لَوِ ادَّعَى قِصَاصًا، فَاقْتَصَّ الْحَاكِمُ بِرِوَايَةِ رَاوٍ رَوَى حَدِيثًا يُوجِبُ الْقِصَاصَ فِي الْوَاقِعَةِ، ثُمَّ رَجَعَ الرَّاوِي، وَقَالَ: كَذَبْتُ وَتَعَمَّدْتُ، لَمْ يَجِبِ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَخْتَصُّ بِالْوَاقِعَةِ. وَأَنَّهُ لَوْ غُصِبَ الْمَرْهُونُ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ، قَالَ الرَّاهِنُ فِي دَعْوَاهُ عَلَى الْغَاصِبِ: لِي ثَوْبٌ كُنْتُ رَهَنْتُهُ عِنْدَ فُلَانٍ، وَغَصَبْتُهُ مِنْهُ، وَيَلْزَمُهُ الرَّدُّ إِلَيَّ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: لِي عِنْدَهُ ثَوْبٌ صِفَتُهُ كَذَا، وَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ إِلَيَّ، جَازَ وَلَا بُعْدَ فِي قَوْلِهِ: يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إِلَيَّ؛ لِأَنَّ يَدَ الْمُرْتَهِنِ يَدُ الرَّاهِنِ. وَلِهَذَا لَوْ نَازَعَهُ رَجُلٌ فِي الْمَرْهُونِ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ يَدَهُ يَدُهُ، وَأَنَّ الْغَرِيبَ إِذَا دَخَلَ بَلَدًا لَا يَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِأَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ، إِنَّمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ أَنَّ فُلَانًا حُرُّ الْأَصْلِ إِذَا عُرِفَ حَالُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَعُرِفَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا، وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يُشَاهِدِ الْوِلَادَةَ، كَمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ، وَأَنَّهُ لَوِ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ، وَأَقَامَ صَاحِبُ الْيَدِ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَهَبَهَا لَهُ، وَلَمْ يَتَعَرَّضَا لِتَارِيخٍ، تَعَارَضَتَا. وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ اخْتِلَافِهِمَا إِذَا ظَهَرَتْ مُسْتَحَقَّةً أَوْ مَعِيبَةً، وَأَرَادَ الرَّدَّ وَاسْتِرْدَادَ الثَّمَنِ. وَأَنَّهُ ادَّعَى دَارًا فِي يَدِ شَخْصٍ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ، فَادَّعَاهَا آخَرُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا [مِنْ] رَجُلٍ آخَرَ يَوْمَ كَذَا، وَلَمْ يَقُولُوا: إِنَّهُ كَانَ يَمْلِكُهَا يَوْمَئِذٍ، لَكِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute