أَعْتَقَ اثْنَانِ مِنْهُمْ نَصِيبَهُمَا مَعًا، أَوْ عَلَّقَا بِشَرْطٍ وَاحِدٍ، أَوْ وَكَّلَا مَنْ أَعْتَقَ عَنْهُمَا دُفْعَةً، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ مُوسِرًا، قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ الثَّالِثِ. وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، قُوِّمَ نَصِيبُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا، وَكَيْفَ يُقَوَّمُ؟ فِيهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: الْقِيمَةُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ، الثَّانِي عَلَى قَدْرِ الْمِلْكَيْنِ، كَنَظِيرِهِ مِنَ الشُّفْعَةِ وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنَّهَا عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ ; لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ مَرَافِقِ الْمِلْكِ كَالثَّمَرَةِ، وَهُنَا سَبِيلُهُ سَبِيلُ ضَمَانِ الْمُتْلِفِ، فَيَسْتَوِي الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ، كَمَا لَوْ مَاتَ مِنْ جِرَاحَاتِهَا الْمُخْتَلِفَةِ، وَهَذَا الطَّرِيقُ هُوَ الْمَذْهَبُ بِاتِّفَاقِ فِرَقِ الْأَصْحَابِ، إِلَّا الْإِمَامَ، فَرَجَّحَ طَرِيقَ الْقَوْلَيْنِ.
الثَّالِثَةُ: إِنْ قُلْنَا: تَحْصُلُ السِّرَايَةُ بِاللَّفْظِ أَوْ قُلْنَا بِالتَّبَيُّنِ، اعْتُبِرَتْ قِيمَةُ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ، وَإِنْ قُلْنَا: بِالْأَدَاءِ، فَهَلْ يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْإِعْتَاقِ أَمِ الْأَدَاءِ، أَمْ أَكْثَرُ الْقِيَمِ مِنْ يَوْمِ الْإِعْتَاقِ إِلَى الْأَدَاءِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. الصَّحِيحُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الْأَوَّلُ، وَرَجَّحَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ الثَّانِيَ، فَإِنِ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَالْعَهْدُ قَرِيبٌ، رَاجَعْنَا الْمُقَوِّمِينَ، وَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ، أَوْ غَابَ، أَوْ تَقَادَمَ الْعَهْدُ، فَأَيُّهُمَا يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الْمُعْتِقُ ; لِأَنَّهُ غَارِمٌ كَالْغَاصِبِ، وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي صَنْعَةٍ لِلْعَبْدِ تَزِيدُ فِي قِيمَتِهِ، وَاتَّفَقْنَا عَلَى قِيمَتِهِ لَوْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الصَّنْعَةُ، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا وَهُوَ يُحْسِنُ الصَّنْعَةَ، وَلَمْ يَمْضِ بَعْدَ الْإِعْتَاقِ زَمَنٌ يُمْكِنُ تَعَلُّمُهُ فِيهِ، صُدِّقَ الشَّرِيكُ، وَإِنْ مَضَى زَمَنٌ يُمْكِنُ التَّعَلُّمُ فِيهِ، أَوْ مَاتَ الْعَبْدُ، أَوْ غَابَ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمُصَدَّقَ الْمُعْتِقُ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْعَبْدِ: إِنِّي أُحْسِنُهَا، أَوْ لَا أُحْسِنُهَا، بَلْ يُجَرَّبُ.
وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي عَيْبٍ يُنْقِصُ الْقِيمَةَ، نُظِرَ إِنِ ادَّعَى الْمُعْتِقُ عَيْبًا فِي أَصْلِ الْخِلْقَةِ، بِأَنْ قَالَ: كَانَ أَكْمَهَ أَوْ أَخْرَسَ، وَقَالَ الشَّرِيكُ: بَلْ بَصِيرًا نَاطِقًا، وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute