مُعْسِرَيْنِ، فَلَا عِتْقَ، فَإِنِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا نَصِيبَ الْآخَرِ، حُكِمَ بِعِتْقِ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ. وَلَوْ بَاعَاهُ لِثَالِثٍ، حُكِمَ بِعِتْقِ أَحَدِ النِّصْفَيْنِ أَيْضًا، وَلَا رُجُوعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَزْعُمُ أَنَّ نَصِيبَهُ مَمْلُوكٌ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ، وَبِهِ قَالَ الْقَفَّالُ، وَقَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ.
وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَجْهًا أَنَّهُ إِنِ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِالتَّعْلِيقَيْنِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، ثُمَّ عَلِمَ، فَلَهُ الرَّدُّ، كَمَا لَوِ اشْتَرَى عَبْدًا، فَبَانَ أَنَّ نِصْفَهُ حُرٌّ، فَعَلَى هَذَا يُرَدُّ الْعَبْدُ ; لِأَنَّ نِصْفَهُ حُرٌّ، وَالنِّصْفُ الْآخَرُ مَعِيبٌ بِسَبَبِ التَّشْقِيصِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ وَلَوِ اخْتَلَفَ النَّصِيبَانِ، لَمْ يَعْتِقْ إِلَّا أَقَلُّهُمَا. وَلَوْ تَبَادَلَا النَّصِيبَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يُحْنِثْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ، بَلِ اعْتَرَفَا بِالْإِشْكَالِ، لَمْ يُحْكَمْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعِتْقِ شَيْءٍ، وَالْحُكْمُ بَعْدَ الْمُبَادَلَةِ كَالْحُكْمِ قَبْلَهَا. وَإِنْ حَنَّثَ كُلُّ وَاحِدٍ الْآخَرَ، حُكِمَ بِعِتْقِ الْجَمِيعِ، لِاعْتِرَافِ كُلِّ وَاحِدٍ بِعِتْقِ مَا صَارَ إِلَيْهِ، وَيَكُونُ الْوَلَاءُ مَوْقُوفًا. وَإِنْ حَنَّثَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ. وَلَمْ يُحَنِّثْهُ الْآخَرُ، حُكِمَ بِعِتْقِ مَا صَارَ لِلْمُحَنِّثِ، وَوَلَاؤُهُ مَوْقُوفٌ، وَلَا يُحْكَمُ بِعِتْقِ نَصِيبِ الْآخَرِ.
وَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، فَإِنْ قُلْنَا بِتَعْجِيلِ السِّرَايَةِ، عَتَقَ الْعَبْدُ، لِأَنَّا نَتَحَقَّقُ حِنْثَ أَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ نَتَمَكَّنْ مِنَ التَّعْيِينِ، فَيَعْتِقُ نَصِيبُهُ، وَيَسْرِي إِلَى الثَّانِي، وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ قِيمَةَ نَصِيبِهِ عَلَى الْآخَرِ، وَيُحَلِّفَهُ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَمْ يَحْنَثْ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا تَحْصُلُ السِّرَايَةُ إِلَّا بِأَدَاءِ الْقِيمَةِ، لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَالْحُكْمُ كَمَا فِي الْمُعْسِرَيْنِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: فَإِنِ ادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ عَتَقَ نَصِيبُهُ، وَأَرَادَ طَلَبَ الْقِيمَةِ، حَلَّفَهُ، كَمَا ذَكَرْنَا عَلَى قَوْلِ تَعْجِيلِ السِّرَايَةِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا، وَالْآخَرُ مُعْسِرًا، فَإِنْ قُلْنَا بِتَعْجِيلِ السِّرَايَةِ، عَتَقَ نَصِيبُ الْمُعْسِرِ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُ الْمُوسِرِ لِلشَّكِّ فِيهِ. وَإِنْ أَخَّرْنَاهَا إِلَى أَدَاءِ الْقِيمَةِ، لَمْ يُحْكَمْ بِعِتْقِ شَيْءٍ فِي الْحَالِ، وَلِلْمُعْسِرِ أَنْ يَدَّعِيَ التَّقْوِيمَ عَلَى الْمُوسِرِ وَيُحَلِّفَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute