فَرْعٌ
قَالَ أَحَدُهُمَا: أَعْتَقْنَاهُ مَعًا، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ، فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ، أَوْ كَانَ الْقَائِلُ مُوسِرًا، فَقَدْ أَطْلَقَ ابْنُ الْحَدَّادِ أَنَّهُ يُحَلَّفُ الْمُنْكِرُ، وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ. قَالَ الشَّيْخُ: إِنَّمَا يَحْلِفُ عِنْدِي إِذَا قَالَ لِلْمُقِرِّ: أَنْتَ أَعْتَقْتَ نَصِيبَكَ وَأَنَا لَمْ أَعْتِقْ وَأَرَادَ طَلَبَ الْقِيمَةِ فَيُحَلِّفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْتِقْ مَعَهُ لِيَأْخُذَ الْقِيمَةَ ; لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ بِمَا يُوجِبُ الْقِيمَةَ، وَادَّعَى مَا يُسْقِطُهَا، وَهُوَ الْمُوَافِقُ فِي الْإِعْتَاقِ، فَيُدْفَعُ يَمِينُهُ الْمُسْقِطُ، فَأَمَّا إِذَا قَالَ: لَمْ تَعْتِقْ نَصِيبَكَ، وَلَا أَنَا أَعْتَقْتُهُ، فَلَا مُطَالَبَةَ بِالْقِيمَةِ، وَلَا يَمِينَ. وَهَلْ يُحْكَمُ بِإِعْتَاقِ جَمِيعِ الْعَبْدِ بِإِقْرَارِ الْمُوسِرِ؟ إِنْ أَثْبَتْنَا السِّرَايَةَ بِنَفْسِ الْإِعْتَاقِ، فَنَعَمْ، وَإِنْ أَخَّرْنَاهَا، لَمْ يَعْتِقْ نَصِيبُ الْمُنْكِرِ، وَإِذَا حَلَفَ الْمُنْكِرُ فِي التَّصْوِيرِ الْأَوَّلِ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنَ الْمُقِرِّ، وَحُكِمَ بِعِتْقِ جَمِيعِ الْعَبْدِ، وَوَلَاءُ نَصِيبِ الْمُنْكِرِ مَوْقُوفٌ. فَلَوْ مَاتَ الْعَتِيقُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَى الْمُقِرِّ أَخَذَ نِصْفَ مَالِهِ بِالْوَلَاءِ.
وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ النِّصْفِ الْآخَرِ قَدْرَ نِصْفِ الْقِيمَةِ الَّذِي غَرِمَهُ لِلْمُنْكِرِ؟ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: نَعَمْ ; لِأَنَّهُ إِنْ صَدَّقَ، فَالْمُنْكِرُ ظَالِمٌ لَهُ، وَهَذَا مَالُهُ بِالْوَلَاءِ، وَإِنْ كَذَّبَ، فَهُوَ مُقِرٌّ بِإِعْتَاقِ جَمِيعِهِ، فَجَمِيعُ الْمَالِ لَهُ بِالْوَلَاءِ، وَالثَّانِي لِاخْتِلَافِ الْجِهَةِ.
قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِنْ رَجَعَ الْمُنْكِرُ عَنْ إِنْكَارِهِ، وَصَدَّقَ الْمُقِرَّ، رُدَّ مَا أُخِذَ مِنْهُ. وَإِنْ رَجَعَ الْمُقِرُّ، وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ كُلَّهُ، قُبِلَ، وَكَانَ جَمِيعُ الْوَلَاءِ لَهُ، كَمَا لَوْ نَفَى نَسَبًا يَلْحَقُهُ ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute