مِنْ مَالِهِ، فَفِي وَلَاءِ ذَلِكَ الثُّلُثِ وَجْهَانِ، هَلْ هُوَ لِلْوَارِثِ أَوِ الْمُوَرِّثِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ إِجَازَةَ الْوَارِثِ تَنْفِيذٌ أَمْ عَطِيَّةٌ. وَلَوْ جَنَتْ مُدَبَّرَةٌ، وَلَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ، وَقُلْنَا بِسِرَايَةِ التَّدْبِيرِ إِلَيْهِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يَبِيعُ الْوَلَدَ مَعَهَا حَذَرًا مِنَ التَّفْرِيقِ، وَلَا يُبَالِي بِفَوَاتِ التَّدْبِيرِ فِيهِ. وَالثَّانِي: يَبِيعُهَا وَحْدَهَا، وَيُحْتَمَلُ التَّفْرِيقُ لِلضَّرُورَةِ، حِفْظًا لِلتَّدْبِيرِ فِي الْوَلَدِ، وَهُوَ كَالْخِلَافِ فِيمَنْ رَهَنَ الْجَارِيَةَ دُونَ الْوَلَدِ، وَاحْتَجْنَا إِلَى بَيْعِهَا لِلدَّيْنِ هَلْ يُبَاعُ مَعَهَا؟
الْحُكْمُ الثَّانِي: السِّرَايَةُ إِلَى الْوَلَدِ يُجَوِّزُ وَطْءَ الْمُدَبَّرَةِ وَالْمُعَلَّقِ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ، لِكَمَالِ الْمِلْكِ، وَنَفَاذِ التَّصَرُّفِ، فَإِنْ أَوْلَدَهَا، صَارَتْ مُسْتَوْلَدَةً، وَبَطَلَ التَّدْبِيرُ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا سَبَقَ. وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا لَوْ قَالَ: كُلُّ مُدَبَّرٍ لِي حُرٌّ، هَلْ تَعْتِقُ هِيَ؟ وَلَوْ أَتَتِ الْمُدَبَّرَةُ بِوَلَدٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ زِنًى، سَرَى التَّدْبِيرُ إِلَيْهِ عَلَى الْأَظْهَرِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، مِنْهُمُ الشَّيْخَانِ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَفَّالُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ رَحِمَهُمُ اللَّهُ، كَمَا يَتْبَعُ وَلَدُ الْمُسْتَوْلَدَةِ وَالْأُضْحِيَّةُ وَالْهَدْيُ أُمَّهُ.
قُلْتُ: بَلِ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ وَلَدَتِ الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ، لَمْ يَتْبَعْهَا الْوَلَدُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَوَلَدُ الْمُوصَى بِهَا لَا يَتْبَعُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُحْتَمَلُ طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ، فَإِذَا جَعَلْنَا وَلَدَ الْمُدَبَّرَةِ مُدَبَّرًا، فَمَاتَتْ فِي حَيَاةِ السَّيِّدِ، لَمْ يَبْطُلِ التَّدْبِيرُ فِي الْوَلَدِ، كَمَا لَوْ دَبَّرَ عَبْدَيْنِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ السَّيِّدِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute