وَكَمَا لَوْ مَاتَتِ الْمُسْتَوْلَدَةُ لَا يَبْطُلُ حَقُّ الْوَلَدِ. وَلَوْ رَجَعَ السَّيِّدُ عَنْ تَدْبِيرِ أَحَدِهِمَا بِاللَّفْظِ وَجَوَّزْنَاهُ، أَوْ بَاعَ أَحَدَهُمَا، لَمْ يَبْطُلِ التَّدْبِيرُ فِي الْآخَرِ. وَلَوْ كَانَ الثُّلُثُ لَا يَفِي إِلَّا بِأَحَدِهِمَا، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ: يُقْرَعُ بَيْنَهُمَا، كَعَبْدَيْنِ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْهُمَا، وَالثَّانِي: يُقَسَّمُ الْعِتْقُ عَلَيْهِمَا، لِئَلَّا تَخْرُجَ الْقُرْعَةُ عَلَى الْوَلَدِ فَيَعْتِقَ، وَيَرِقَّ الْأَصْلُ.
وَإِذَا قُلْنَا: الْمُعَلَّقُ عِتْقُهَا بِصِفَةٍ يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ، فَمَعْنَاهُ أَنَّ الصِّفَةَ إِذَا وُجِدَتْ فِيهَا وَعَتَقَتْ، عَتَقَ الْوَلَدُ، وَلَا تُعْتَبَرُ الصِّفَةُ فِيهِ. وَلَوْ وُجِدَتِ الصِّفَةُ مِنْهُ، فَلَا أَثَرَ لَهَا. هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْرُوفُ فِي الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: مُقْتَضَى سِرَايَةِ التَّعْلِيقِ أَنَّ عِتْقَهُ بِنَفْسِ الصِّفَةِ، وَهِيَ دُخُولُ الدَّارِ مَثَلًا، فَعَلَى هَذَا لَا يَعْتِقُ هُوَ بِدُخُولِهَا، وَيَعْتِقُ بِدُخُولِهِ.
وَلَوْ بَطَلَ التَّعْلِيقُ فِيهَا بِمَوْتِهَا، بَطَلَ فِي الْوَلَدِ. وَمُقْتَضَى قَوْلِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنْ لَا يَبْطُلَ فِيهِ. وَلَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: أَنْتِ حُرَّةٌ بَعْدَ مَوْتِي بِعَشْرِ سِنِينَ مَثَلًا، فَإِنَّمَا يَعْتِقُ بَعْدَ مُضِيِّ تِلْكَ الْمُدَّةِ مِنْ يَوْمِ الْمَوْتِ، فَلَوْ وَلَدَتْ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، فَهَلْ يَتْبَعُهَا الْوَلَدُ فِي حُكْمِ الصِّفَةِ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ.
وَإِنْ وَلَدَتْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَقَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ، فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ يَتْبَعُهَا، فَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ كَمَا قَبْلَ الْمَوْتِ، وَإِنَّمَا فَرَّعَ عَلَى أَحَدِهِمَا، وَقِيلَ: يَتْبَعُهَا قَطْعًا لِتَأَكُّدِ سَبَبِ الْعِتْقِ، إِذْ لَيْسَ لِلْوَارِثِ التَّصَرُّفُ فِيهَا، فَأَشْبَهَتِ الْمُسْتَوْلَدَةَ، فَعَلَى هَذَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ كَوَلَدِ الْمُسْتَوْلَدَةِ. وَأَمَّا وَلَدُ الْمُدَبَّرِ، فَلَا يُؤَثِّرُ تَدْبِيرُ أَبِيهِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ.
فَرْعٌ
هَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي وَلَدِ الْمُدَبَّرَةِ، هُوَ فِيمَا إِذَا حَدَثَ بَعْدَ التَّدْبِيرِ، وَانْفَصَلَ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، فَيَعْتِقُ مَعَهَا الْحَمْلُ بِلَا خِلَافٍ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَ حَامِلًا، فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute