للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَتَرَاجَعَانِ، فَيَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا أَخَذَهُ، وَالسَّيِّدُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَلَى عِوَضَيْنِ: التَّعْجِيزُ، وَالْمَالُ الْمَذْكُورُ، وَالتَّعْجِيزُ لَا يَصْلُحُ عِوَضًا، فَكَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ.

قَالَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» : وَلَوْ لَمْ يُعَلِّقْ هَكَذَا، وَلَكِنْ قَالَ: إِنْ أَعْطَيْتَنِي كَذَا فَأَنْتَ حُرٌّ، فَأَعْطَاهُ، عَتَقَ، وَلَكِنَّهُ عِوَضٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهِ، فَيُعْتَقُ بِالصِّفَةِ، وَعَلَيْهِ تَمَامُ قِيمَتِهِ.

وَلَوْ عَجَّلَ الْمُكَاتَبُ النَّجْمَ، عَلَى أَنْ يُعْتِقَهُ، وَيُبْرِئَهُ عَنِ الْبَاقِي، فَفَعَلَ السَّيِّدُ ذَلِكَ، عَتَقَ الْمُكَاتَبُ، وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ، وَيَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ عَلَى السَّيِّدِ بِمَا دَفَعَ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِعِوَضٍ فَاسِدٍ، حَكَاهُ الْقَاضِي عَنِ النَّصِّ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي تَعَذُّرِ تَحْصِيلِ النُّجُومِ عِنْدَ حُلُولِهَا، وَلَهُ أَسْبَابٌ الْأَوَّلُ: الْإِفْلَاسُ، فَإِذَا حَلَّ نَجْمٌ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ أَدَائِهِ، أَوْ عَنْ بَعْضِهِ، فَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ، وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ كَفَسْخِ النِّكَاحِ بِالْعِتْقِ، وَإِنْ شَاءَ رَفَعَ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَفْسَخَ.

وَفِي تَعْلِيقِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: لِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ عَجْزُهُ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَلِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ.

وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَشْتَرِطَ إِقْرَارَهُ بِالْعَجْزِ، وَلَا قِيَامَ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا سَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنَّهُ لَوِ امْتَنَعَ مِنَ الْأَدَاءِ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ.

وَإِذَا لَمْ يُؤَدِّ، فَهُوَ مُمْتَنِعٌ، إِذَا لَمْ يَكُنْ عَاجِزًا. وَإِذَا رَفَعَ إِلَى الْقَاضِي، فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْكِتَابَةِ، وَحُلُولِ النَّجْمِ عِنْدَهُ.

وَمَتَّى فُسِخَتْ، سَلَّمَ لِلسَّيِّدِ مَا أَخَذَهُ؛ لِأَنَّهُ كَسْبُ عَبْدِهِ، لَكِنْ مَا أَخَذَهُ مِنَ الزَّكَاةِ يُسْتَرَدُّ وَيُؤَدِّيهِ. وَهَذَا قَدْ سَبَقَ فِي الزَّكَاةِ، وَلَيْسَ هَذَا الْفَسْخُ عَلَى الْفَوْرِ، بَلْ لَهُ تَأْخِيرُهُ مَا شَاءَ، كَفَسْخِ الْإِعْسَارِ.

وَإِذَا اسْتَنْظَرَهُ الْمُكَاتَبُ اسْتُحِبَّ أَنْ يُنْظِرَهُ، ثُمَّ لَا يَلْزَمُهُ الْإِمْهَالُ، بَلْ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>