الرُّجُوعُ إِلَى الْفَسْخِ مَتَى بَدَا لَهُ. وَإِذَا طَالَبَهُ بِالْمَالِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِمْهَالِ بِقَدْرِ مَا يُخْرِجُهُ مِنَ الصُّنْدُوقِ وَالدُّكَّانِ وَالْمَخْزَنِ، وَيَزِنُ فَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا، فَقَدْ أَطْلَقَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ أَنَّ لِلسَّيِّدِ الْفَسْخَ، وَلْيُحْمَلْ عَلَى تَفْصِيلٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا، وَهُوَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّأْخِيرُ إِلَى اسْتِيفَائِهِ، كَمَا لَوْ كَانَتْ لَهُ وَدِيعَةٌ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا، أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ، فَلَا.
وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى السَّيِّدِ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ النُّجُومِ، فَفِيهِ الْخِلَافُ فِي التَّقَاصِّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، أَدَّاهُ لِيَصْرِفَهُ الْمُكَاتَبُ فِي النُّجُومِ.
وَلَوْ حَلَّ النَّجْمُ وَهُوَ نَقْدٌ، وَلِلْمُكَاتَبِ عُرُوضٌ، فَإِنْ أَمْكَنَ بَيْعُهَا عَلَى الْفَوْرِ بِيعَتْ وَلَا فَسْخَ، وَإِنِ احْتَاجَ الْبَيْعُ إِلَى مُدَّةٍ؛ لِكَسَادٍ وَغَيْرِهِ، فَمُقْتَضَى كَلَامِ الصَّيْدَلَانِيِّ أَنْ لَا فَسْخَ.
وَرَأَى الْإِمَامُ الْفَسْخَ كَغَيْبَةِ الْمَالِ، وَهَذَا أَصَحُّ، وَضَبَطَ الْبَغَوِيُّ التَّأْخِيرَ لِلْبَيْعِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. وَقَالَ: لَا يَلْزَمُ أَكْثَرُ مِنْهَا.
السَّبَبُ الثَّانِي: غَيْبَةُ الْمُكَاتَبِ، فَإِذَا حَلَّ النَّجْمُ، وَالْمُكَاتَبُ غَائِبٌ، أَوْ غَابَ بَعْدَ حُلُولِهِ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ إِنْ شَاءَ بِنَفْسِهِ، وَإِنْ شَاءَ بِالْحَاكِمِ، وَقِيلَ: لَا يَفْسَخُ بِنَفْسِهِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَأْخِيرُ الْفَسْخِ لِكَوْنِ الطَّرِيقِ مُخَوِّفًا، أَوِ الْمُكَاتَبِ مَرِيضًا.
وَإِذَا فَسَخَ بِنَفْسِهِ، فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ؛ لِئَلَّا يُكَذِّبَهُ الْمُكَاتَبُ، وَإِنْ رَفَعَ إِلَى الْحَاكِمِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَثْبُتَ عِنْدَهُ حُلُولُ النَّجْمِ وَتَعَذُّرُ التَّحْصِيلِ، وَيُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَلَى الْغَائِبِ.
قَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: يُحَلِّفُهُ أَنَّهُ مَا قَبَضَ النُّجُومَ مِنْهُ، وَلَا مِنْ وَكِيلِهِ، وَلَا أَبْرَأَهُ، وَلَا أَحَالَ بِهِ، وَلَا يُعْلَمُ لَهُ مَالٌ حَاضِرٌ.
وَذِكْرُ الْحَوَالَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ الْحَوَالَةِ بِالنُّجُومِ. وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمُكَاتَبِ حَاضِرًا لَمْ يُؤَدِّ الْحَاكِمُ النُّجُومَ مِنْهُ، وَيُمَكِّنِ السَّيِّدَ مِنَ الْفَسْخِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute