[لِأَنَّهُ] رُبَّمَا عَجَّزَ نَفْسَهُ لَوْ كَانَ حَاضِرًا، وَلَمْ يُؤَدِّ الْمَالَ.
وَلَوْ نَظَرَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ حُلُولِ النَّجْمِ، وَأَذِنَ لَهُ فِي السَّفَرِ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي الْإِنْظَارِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْفَسْخُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ غَيْرُ مُقَصِّرٍ هُنَا، وَلَكِنْ يَرْفَعُ السَّيِّدُ الْأَمْرَ إِلَى الْحَاكِمِ، وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْحُلُولِ وَالْغَيْبَةِ، وَيَحْلِفُ مَعَ ذَلِكَ، وَيَذْكُرُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنِ الْإِنْظَارِ، فَيَكْتُبُ الْحَاكِمُ إِلَى حَاكِمِ بَلَدِ الْمُكَاتَبِ لِيُعَرِّفَهُ الْحَالَ، فَإِنْ أَظْهَرَ الْعَجْزَ كَتَبَ بِهِ إِلَى حَاكِمِ بَلَدِ السَّيِّدِ لِيَفْسَخَ إِنْ شَاءَ، وَإِنْ قَالَ: أُؤَدِّي الْوَاجِبَ، فَإِنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ هُنَاكَ وَكِيلٌ سَلَّمَ إِلَيْهِ، فَإِنْ أَبَى ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ لِلسَّيِّدِ، وَلِلْوَكِيلِ أَيْضًا إِنْ كَانَ وَكِيلًا فِيهِ.
وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ قَوْلًا آخَرَ أَنَّهُ لَا فَسْخَ بِالِامْتِنَاعِ عَنِ التَّسْلِيمِ إِلَى الْوَكِيلِ؛ لِاحْتِمَالِ الْعَزْلِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَكِيلٌ أَمَرَهُ الْحَاكِمُ بِإِيصَالِهِ إِلَيْهِ، إِمَّا بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا بِغَيْرِهِ، وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ رُفْقَةٍ تَخْرُجُ، أَوْ فِي الْحَالِ إِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى رِفْقَةٍ فِي ذَلِكَ الطَّرِيقِ، وَعَلَى السَّيِّدِ الصَّبْرُ إِلَى أَنْ تَمْضِيَ مُدَّةُ إِمْكَانِ الْوُصُولِ، فَإِنْ مَضَتْ، وَلَمْ يُوَصِّلْهُ مُقَصِّرًا، فَلِلسَّيِّدِ الْفَسْخُ.
قَالَ ابْنُ كَجٍّ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِ السَّيِّدِ حَاكِمٌ، فَكَتَبَ السَّيِّدُ إِلَى الْعَبْدِ، وَأَعْلَمَهُ بِالْحَالِ، وَأَمَرَهُ بِالتَّسْلِيمِ إِلَى رَجُلٍ، فَامْتَنَعَ فَعِنْدِي أَنَّهُ كَمَا لَوِ امْتَنَعَ بَعْدَ كِتَابِ الْقَاضِي إِذَا وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِهِ.
وَحَكَى ابْنُ الْقَطَّانِ فِيهِ وَجْهَيْنِ. قَالَ: وَحَكَى وَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ سَلَّمَ الْمُكَاتَبُ إِلَى وَكِيلِ السَّيِّدِ، وَبَانَ أَنَّ السَّيِّدَ عَزَلَهُ، هَلْ يَبْرَأُ الْمُكَاتَبُ؟ قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّ الْوَجْهَيْنِ مَخْصُوصَانِ بِمَا إِذَا قَالَ الْحَاكِمُ: فُلَانٌ وَكِيلُهُ، وَلَمْ يَأْذَنْ بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ، فَإِنْ أَمَرَهُ، بِالتَّسْلِيمِ إِلَيْهِ بَرِئَ بِلَا خِلَافٍ.
السَّبَبُ الثَّالِثُ: الِامْتِنَاعُ، فَإِذَا امْتَنَعَ الْمُكَاتَبُ مِنْ أَدَاءِ النُّجُومِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute