الْمُؤَجَّلِ وَنَحْوِهَا، إِنْ جَرَتْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَمَنْقُولُ الْمُزَنِيِّ وَالْمَنْصُوصُ فِي «الْأُمِّ» صِحَّتُهَا.
وَنَقَلَ الرَّبِيعُ قَوْلًا آخَرَ بِالْمَنْعِ. وَنَصَّ أَنَّ اخْتِلَاعَ الْمُكَاتَبِ بِالْإِذْنِ لَا يَجُوزُ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: فِي الْجَمِيعِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: الصِّحَّةُ.
وَقِيلَ: يَصِحُّ مَا سِوَى الْخُلْعِ قَطْعًا، وَلَا يَصِحُّ هُوَ. وَعَنِ ابْنِ سَلَمَةَ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ الْخُلْعِ أَيْضًا. وَلَوْ وُهِبَ لِلسَّيِّدِ أَوْ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ فَقَبِلَ لَهُ السَّيِّدُ، أَوْ أَقْرَضَهُ، أَوْ بَاعَهُ نَسِيئَةً أَوْ بِمُحَابَاةٍ أَوْ عَجَّلَ لَهُ دَيْنًا مُؤَجَّلًا غَيْرَ النُّجُومِ، فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إِذَا وَهَبَ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ.
وَقِيلَ: يَصِحُّ قَطْعًا، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يُعَجِّزَ نَفْسَهُ، فَيَجْعَلَ جَمِيعَ مَا فِي يَدِهِ لِسَيِّدِهِ، فَجَوَازُ الْهِبَةِ أَوْلَى.
وَلَوْ وَهَبَ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَرَجَعَ عَنِ الْإِذْنِ قَبْلَ إِقْبَاضِ الْمَوْهُوبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِقْبَاضُهُ. وَلَوِ اشْتَرَى قَرِيبَهُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَفِي صِحَّتِهِ الْقَوْلَانِ فِي الْهِبَةِ، فَإِنْ صَحَّحْنَاهُ يُكَاتِبْ عَلَيْهِ.
وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: الْقَطْعُ [بِالصِّحَةِ] ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْتَفِيدُ مِنْ أَكْسَابِهِ، وَفِيهِ صِلَةُ الرَّحِمِ.
وَلَوْ أَعْتَقَ الْمُكَاتَبُ عَبْدَهُ عَنْ سَيِّدِهِ، أَوْ عَنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، فَهُوَ كَتَبَرُّعِهِ بِالْإِذْنِ. وَلَوْ أَعْتَقَ عَنْ نَفْسِهِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، لَا يَصِحُّ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِتَضَمُّنِهِ الْوَلَاءَ، وَالْمُكَاتَبُ لَيْسَ أَهْلًا لِثُبُوتِ الْوَلَاءِ لَهُ كَالْقِنِّ، فَإِنْ صَحَّحْنَاهُ، فَلِمَنْ يَكُونُ وَلَاءُ الْعَتِيقِ؟ قَوْلَانِ.
أَحَدُهُمَا: لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَيْسَ أَهْلًا لِلْوَلَاءِ، وَوَقْفُ الْوَلَاءِ بِعِيدٌ، وَأَظْهَرُهُمَا: يُوقَفُ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ، وَالسَّيِّدُ لَمْ يُعْتِقْ، فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ كَانَ لَهُ، وَإِنْ مَاتَ رَقِيقًا كَانَ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ عَجَّزَهُ وَرَقَّ، فَحَكَى الْإِمَامُ أَنَّهُ يَبْقَى التَّوَقُّفُ؛ لِأَنَّهُ يُرْجَى عِتْقُهُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.
وَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ أَنْ يَكُونَ لِلسَّيِّدِ بِلَا تَوَقُّفٍ؛ لِانْقِطَاعِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ جَعَلْنَا الْوَلَاءَ لِلسَّيِّدِ، فَعَتَقَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَفِي انْجِرَارِ الْوَلَاءِ إِلَيْهِ وَجْهَانِ، حَكَاهُمَا أَبُو عَلِيِّ الطَّبَرِيُّ وَصَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، وَكَأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute