السَّيِّدَ أَعْتَقَهُ.
وَإِنْ قُلْنَا بِالتَّوَقُّفِ، فَمَاتَ الْعَتِيقُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُكَاتَبِ وَعَوْدِهِ إِلَى الرِّقِّ، فَهَلْ يُوقَفُ الْمِيرَاثُ أَيْضًا، أَمْ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ، أَمْ لِبَيْتِ الْمَالِ؟ أَقْوَالٌ.
أَظْهَرُهَا: الْأَوَّلُ. وَلَوْ كَاتَبَ الْمُكَاتَبُ عَبْدَهُ بِإِذْنِ السَّيِّدِ، فَهُوَ كَتَنْجِيزِ الْعِتْقِ نُصَّ عَلَيْهِ فِي «الْمُخْتَصَرِ» ، وَقَالَهُ الْأَصْحَابُ، فَيَعُودُ الطَّرِيقَانِ فِي صِحَّةِ الْكِتَابَةِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْوَلَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى الصِّحَّةِ إِذَا عَتَقَ الْمُكَاتَبُ الثَّانِي قَبْلَ الْأَوَّلِ. وَإِنْ عَتَقَ الْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي، فَوَلَاءُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ.
وَفِي نِكَاحِ الْمُكَاتَبِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ طَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: قَوْلَانِ، كَتَبَرُّعِهِ؛ لِأَنَّهُ يَبْذُلُ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ لَا فِي مُقَابَلَةِ مَالٍ.
وَالثَّانِي. وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ إِذَا صَحَّ نِكَاحُ الْقِنِّ بِالْإِذْنِ، فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَحْسَنُ حَالًا مِنْهُ؛ وَلِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إِلَيْهِ لِلتَّحْصِينِ وَغَيْرِهِ، بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا.
وَتَزْوِيجُ الْمُكَاتَبَةِ بِإِذْنِهَا صَحِيحٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ: لَا تُزَوَّجُ أَصْلًا لِضَعْفِ مِلْكِ السَّيِّدِ وَنَقْصِهَا، فَلَا يُؤَثِّرُ إِذْنُهَا.
وَلَوْ أَذِنَ السَّيِّدُ لِلْمُكَاتَبِ فِي التَّسَرِّي بِجَارِيَةٍ، لَمْ يَصِحَّ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّكْفِيرِ بِالْإِطْعَامِ أَوْ بِالْكُسْوَةِ، فَقَوْلَانِ وَلَوْ أَذِنَ فِي التَّكْفِيرِ بِالْإِعْتَاقِ لَمْ يُجْزِئْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ.
فَرْعٌ
اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ، أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ فَقَبِلَ صَحَّ، وَمَلَكَهُ الْمُكَاتَبُ. فَإِنْ رَقَّ الْمُكَاتَبُ، صَارَ الْقَرِيبُ لِلسَّيِّدِ، وَعُتِقَ عَلَيْهِ وَلَوِ اشْتَرَى بَعْضَهُ، أَوِ اتَّهَبَهُ، أَوْ قَبِلَ الْوَصِيَّةَ بِهِ، صَحَّ أَيْضًا. وَإِذَا رَقَّ، عَتَقَ ذَلِكَ الشِّقْصُ عَلَى السَّيِّدِ.
وَهَلْ يَسْرِي إِلَى الْبَاقِي؟ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُوسِرًا، يَنْظُرُ إِنْ عَجَّزَ الْمُكَاتَبُ نَفْسَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ السَّيِّدِ لَمْ يَسْرِ كَمَا لَوْ وَرِثَ بَعْضَ قَرِيبِهِ، وَإِنْ عَجَّزَهُ السَّيِّدُ، فَوَجْهَانِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فَسْخُ الْكِتَابَةِ، وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ قَهْرًا. وَلَوِ اتَّهَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute