الْعَبْدُ الْقِنَّ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ بُنِيَ عَلَى أَنَّ اتِّهَابَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ السَّيِّدِ، هَلْ يَنْفُذُ؟ وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ.
إِنْ قُلْنَا: لَا، فَلَا كَلَامَ. وَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَإِنْ خِيفَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ عَلَى السَّيِّدِ فِي الْحَالِ، فَإِنِ اتَّهَبَ زَمَنًا وَالسَّيِّدُ مُوسِرٌ، لَمْ يَصِحَّ قَبُولُهُ [لِأَنَّ فِيهِ] إِضْرَارًا بِالسَّيِّدِ.
وَإِنْ لَمْ تَجِبِ النَّفَقَةُ فِي الْحَالِ؛ لِكَوْنِ الْقَرِيبِ كَسُوبًا، أَوِ السَّيِّدِ فَقِيرًا صَحَّ الْقَبُولُ، وَعُتِقَ الْمَوْهُوبُ عَلَى السَّيِّدِ.
وَلَوِ اتَّهَبَ بَعْضَ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى السَّيِّدِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَصَحَّحْنَا اتِّهَابَهُ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ لُزُومُ النَّفَقَةِ صَحَّ الْقَبُولُ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَلَا يَسْرِي؛ لِحُصُولِ الْمِلْكِ قَهْرًا.
وَالثَّانِي: لَا يَصِحُّ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: وَخَرَّجَ ابْنُ سُرَيْجٍ عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ مَا إِذَا اشْتَرَى الْمَرِيضُ أَبَاهُ بِأَلْفٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرَقٌ فَفِي قَوْلٍ: لَا يَصِحُّ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَحَّ لَعَتَقَ، وَبَطَلَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ.
وَفِي الثَّانِي: يَصِحُّ، وَلَا يُعْتَقُ وَيُبَاعُ فِي دُيُونِهِمْ. وَفِي «الْوَسِيطِ» وَجْهٌ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيُعْتَقُ وَيَسْرِي، وَيُجْعَلُ اخْتِيَارُ الْعَبْدِ كَاخْتِيَارِهِ كَمَا جُعِلَ قَبُولُهُ كَقَبُولِهِ.
وَلَمْ أَجِدْ هَذَا الْوَجْهَ فِي «النِّهَايَةِ» وَإِذَا صَحَّحْنَا اتِّهَابَ الْقِنِّ بِغَيْرِ إِذْنِ سَيِّدِهِ دَخَلَ الْمَوْهُوبُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ، قَهْرًا كَمَا لَوِ احْتَطَبَ. وَهَلْ لِلسَّيِّدِ رَدُّهُ بَعْدَ قَبُولِ السَّيِّدِ؟ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ؛ لِأَنَّ تَمْلِيكَ الرَّشِيدِ قَهْرًا بِعِيدٌ. وَأَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ، كَالْمِلْكِ بِالِاحْتِطَابِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ هَلْ يَنْقَطِعُ مِلْكُهُ مِنْ وَقْتِ الرَّدِّ، أَمْ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ؟ وَجْهَانِ وَفَائِدَتُهُمَا، لَوْ كَانَ الْمَوْهُوبُ عَبْدًا، وَوَقَعَ هِلَالُ شَوَّالٍ بَيْنَ قَبُولِ الْعَبْدِ وَرَدِّ السَّيِّدِ فِي الْفِطْرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute