مَاتَ الْعَبْدُ بَعْدَ اخْتِيَارِ الْفِدَاءِ، أَوْ بَاعَهُ بِإِذْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِشَرْطِ الْفِدَاءِ فَيَلْزَمُهُ الْفِدَاءُ.
وَلَوْ أَبْرَأَهُ السَّيِّدُ مِنَ النُّجُومِ، أَوْ أَعْتَقَهُ لَزِمَهُ الْفِدَاءُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ مُتَعَلَّقَ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ، هَذَا إِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ، وَالَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَنْفُذُ إِعْتَاقُهُ، وَأَشَارَ ابْنُ كَجٍّ إِلَى خِلَافٍ فِيهِ، كَإِعْتَاقِ الْقِنِّ الْجَانِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ صَارَ مُسْتَحِقَّ الْعِتْقِ بِالْكِتَابَةِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ.
فَإِذَا أَعْتَقَهُ وَقَعَ الْعِتْقُ عَنِ الْجِهَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ بِخِلَافِ الْقِنِّ، وَفِيمَا يَفْدِيهِ السَّيِّدُ بِهِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْجَدِيدِ وَالْقَدِيمِ.
وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْأَقَلِّ بِخِلَافِ حَالِ بَقَاءِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ بَاقٍ هُنَاكَ وَكَمَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ بِإِعْتَاقِ الْمُكَاتَبِ فِدَاؤُهُ، يَلْزَمُهُ بِإِعْتَاقِهِ فِدَاءُ ابْنِ الْمُكَاتَبِ وَأَبِيهِ إِذَا تَكَاتَبَا عَلَيْهِ وَجَنَيَا؛ لِأَنَّهُمَا يُعْتَقَانِ بِإِعْتَاقِهِ.
وَلَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ بِأَدَاءِ النُّجُومِ، لَزِمَهُ ضَمَانُ الْجِنَايَةِ، وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ فَدَاؤُهُ، وَفِيمَا يَلْزَمُهُ الطَّرِيقَانِ. وَلَوْ جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَاتٍ، وَأَعْتَقَهُ السَّيِّدُ أَوْ أَبْرَأَهُ عَنِ النُّجُومِ لَزِمَهُ أَنْ يَفْدِيَهُ، فَإِنْ أَدَّى النُّجُومَ وَعَتَقَ، فَضَمَانُ الْجِنَايَاتِ عَلَى الْمُكَاتَبِ، وَأَمَّا الَّذِي يَلْزَمُهُمَا فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَاتُ مَعًا بِأَنْ قَتَلَ جَمَاعَةً بِضَرْبَةٍ، أَوْ هَدَمَ عَلَيْهِمْ جِدَارًا، فَفِيهِ الْقَوْلَانِ، كَالْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ.
وَالْجَدِيدُ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَاتِ كُلِّهَا وَقِيمَتُهُ وَالْقَدِيمُ وُجُوبُ الْأُرُوشِ كُلِّهَا، وَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَاتُ مُتَفَرِّقَةً فَالْقَدِيمُ بِحَالِهِ، وَفِي الْجَدِيدِ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا: أَنَّهُ أَيْضًا بِحَالِهِ، فَيَجِبُ الْأَقَلُّ مِنَ الْأُرُوشِ كُلِّهَا وَقِيمَتُهُ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ لِكُلِّ جِنَايَةٍ الْأَقَلُّ مِنْ أَرْشِهَا وَالْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ كَانَ عَقِبَ كُلِّ جِنَايَةٍ، وَبِالْإِعْتَاقِ فَوْتُ ذَلِكَ، فَكَأَنَّهُ أَحْدَثَ لِكُلِّ جِنَايَةٍ مَنْعًا وَلَوْ أَرَادَ الْمُكَاتَبُ أَنْ يَفْدِيَ نَفْسَهُ مِمَّا فِي يَدِهِ عَنِ الْجِنَايَاتِ، فَطَرِيقَانِ.
أَحَدُهُمَا: عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمَنْقُولَيْنِ عَنِ الْجَدِيدِ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ أَرْشِ [كُلِّ] جِنَايَةٍ وَالْقِيمَةِ.
وَقَطَعَ الْبَغَوِيُّ بِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِمَّا فِي يَدِهِ الْأَقَلُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute