مِنْ أُرُوشِ الْجِنَايَاتِ كُلِّهَا وَمِنْ قِيمَتِهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ، وَسَأَلَ الْمُسْتَحِقُّونَ تَعْجِيزَهُ عَجَّزَهُ الْحَاكِمُ وَيُبَاعُ، وَيُقَسَّمُ الثَّمَنُ عَلَى أَقْدَارِ الْأُرُوشِ، وَإِنْ أَبْرَأَهُ بَعْضُهُمْ قُسِّمَ عَلَى الْبَاقِينَ، وَإِنِ اخْتَارَ السَّيِّدُ فِدَاءَهُ بَعْدَ التَّعْجِيزِ لَمْ يُبَعْ وَفِيمَا يَفْدِيهِ [بِهِ] الْقَوْلَانِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى عَبْدِ سَيِّدِهِ أَوْ عَلَى طَرَفِ سَيِّدِهِ، فَلَهُ الْقِصَاصُ، وَإِنْ قَتَلَ السَّيِّدَ فَلِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ، فَإِنْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّونَ عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتْ مُوجِبَةً لِلْمَالِ تَعَلَّقَ الْوَاجِبُ بِمَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَهُ كَأَجْنَبِيٍّ، وَهَلِ الْوَاجِبُ الْأَرْشُ أَمْ أَقَلُّ الْأَمْرَيْنِ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ.
فَإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْأَرْشُ وَكَانَ أَكْثَرَ مِنَ الْقِيمَةِ، فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَهُ أَنْ يَفْدِيَ نَفْسَهُ بِهِ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: فِيهِ الْخِلَافُ فِي هِبَتِهِ لِسَيِّدِهِ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يُقَالَ: لِلسَّيِّدِ الِامْتِنَاعُ مِنَ الْقَبُولِ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْهِبَةِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إِذَا أَمْكَنَ أَدَاؤُهُ وَأَدَاءُ مَالِ الْكِتَابَةِ.
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ، أَوْ كَانَ لَا يَفِي بِالْأَرْشِ هَلْ لِلسَّيِّدِ تَعْجِيزُهُ بِسَبَبِ الْأَرْشِ؟ وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا؛ لِأَنَّهُ إِذَا عَجَّزَهُ سَقَطَ الْأَرْشُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ دَيْنٌ بِخِلَافِ مَا إِذَا عَجَّزَهُ أَجْنَبِيٌّ، فَإِنَّ الْأَرْشَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ، وَأَصَحُّهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ قَطَعَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ، وَيَسْتَفِيدُ رَدَّهُ إِلَى الرِّقِّ الْمَحْضِ وَإِذَا عَجَزَ بِسَبَبِ الْأَرْشِ أَوِ النُّجُومِ وَرَقَّ، فَهَلْ يَسْقُطُ الْأَرْشُ أَمْ يَبْقَى فِي ذِمَّتِهِ إِلَى أَنْ يَعْتِقَ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ، وَهُمَا كَالْوَجْهَيْنِ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَى عَبْدِ غَيْرِهِ دَيْنٌ، فَمَلَكَهُ هَلْ يَسْقُطُ. وَجِنَايَةُ الْمُكَاتَبِ عَلَى طَرَفِ ابْنِ سَيِّدِهِ كَجِنَايَتِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَجِنَايَتُهُ عَلَى نَفْسِهِ تُثْبِتُ الْقِصَاصَ لِلسَّيِّدِ، فَإِنْ عَفَا أَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً، فَهُوَ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَى السَّيِّدِ، وَلَوْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ بَعْدَ جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ، أَوْ أَبْرَأَهُ عَنِ النُّجُومِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ مَالٌ سَقَطَ الْأَرْشُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَإِنْ كَانَ تَعَلَّقَ بِهِ عَلَى الْأَصَحِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute