اللَّبُونِ، بَلْ يَنْزِلُ أَوْ يَصْعَدُ مَعَ الْجُبْرَانِ، فَإِنْ شَاءَ جَعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا، وَصَعِدَ إِلَى أَرْبَعِ جِذَاعٍ فَأَخْرَجَهَا وَأَخَذَ أَرْبَعَ جُبْرَانَاتٍ، وَإِنْ شَاءَ جَعَلَ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَصْلًا وَنَزَلَ إِلَى خَمْسِ بَنَاتِ مَخَاضٍ، فَأَخْرَجَهَا وَدَفَعَ مَعَهَا خَمْسَ جُبْرَانَاتٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا وَيَنْزِلَ إِلَى أَرْبَعِ بَنَاتِ مَخَاضٍ وَيَدْفَعَ ثَمَانِيَ جُبْرَانَاتٍ، وَلَا أَنْ يَجْعَلَ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَصْلًا وَيَصْعَدَ إِلَى خَمْسِ جِذَاعٍ وَيَأْخُذَ عَشْرَ جُبْرَانَاتٍ؛ لِإِمْكَانِ تَقْلِيلِ الْجُبْرَانِ. وَفِي وَجْهٍ شَاذٍّ أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّعُودُ وَالنُّزُولُ الْمَذْكُورَانِ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يُوجَدَ الصِّنْفَانِ بِصِفَةِ الْإِجْزَاءِ، فَالْمَذْهَبُ وَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَقَالَهُ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ: يَجِبُ الْأَغْبَطُ لِلْمَسَاكِينِ. وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: الْمَالِكُ بِالْخِيَارِ فِيهِمَا، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ إِخْرَاجُ الْأَغْبَطِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ وَلِيَّ يَتِيمٍ، فَيُرَاعِي حَظَّهُ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ فَأَخَذَ السَّاعِي غَيْرَ الْأَغْبَطِ، فَفِيهِ أَوْجُهٌ؛ الصَّحِيحُ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ إِنْ كَانَ بِتَقْصِيرٍ، إِمَّا مِنَ السَّاعِي بِأَنْ أَخَذَهُ مَعَ عِلْمِهِ، أَوْ أَخَذَهُ بِلَا اجْتِهَادٍ، وَظَنَّ أَنَّهُ الْأَغْبَطُ، وَإِمَّا مِنَ الْمَالِكِ، بِأَنْ دَلَّسَ وَأَخْفَى الْأَغْبَطَ - لَمْ يَقَعِ الْمَأْخُوذُ مِنَ الزَّكَاةِ. وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَقَعَ عَنِ الزَّكَاةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي، قَالَهُ ابْنُ خَيْرَانَ وَقَطَعَ بِهِ فِي التَّهْذِيبِ: إِنْ كَانَ بَاقِيًا فِي يَدِ السَّاعِي بِعَيْنِهِ لَمْ يَقَعْ عَنِ الزَّكَاةِ وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَإِلَّا وَقَعَ. وَالثَّالِثُ: يَقَعُ عَنْهُمَا بِكُلِّ حَالٍ. وَالرَّابِعُ: لَا يَقَعُ بِحَالٍ. وَالْخَامِسُ: إِنْ فَرَّقَّهُ عَلَى الْمُسْتَحِقِّينَ، ثُمَّ ظَهَرَ الْحَالُ، حَسِبَ عَنِ الزَّكَاةِ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ. وَالسَّادِسُ: إِنْ دَفَعَ الْمَالِكُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ الْأَدْنَى، لَمْ يُجِزْهُ، وَإِنْ كَانَ السَّاعِي هُوَ الَّذِي أَخَذَهُ، جَازَ. وَحَيْثُ قُلْنَا: لَا يَقَعُ الْمَأْخُوذُ عَنِ الزَّكَاةِ، فَعَلَيْهِ إِخْرَاجُهَا، وَعَلَى السَّاعِي رَدُّ مَا أَخَذَهُ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، وَقِيمَتُهُ إِنْ كَانَ تَالِفًا. وَحَيْثُ قُلْنَا: يَقَعُ، فَهَلْ يَجِبُ إِخْرَاجُ قَدْرِ التَّفَاوُتِ؟ وَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: يَجِبُ. وَالثَّانِي: يُسْتَحَبُّ كَمَا إِذَا أَدَّى اجْتِهَادُ الْإِمَامِ إِلَى أَخْذِ الْقِيمَةِ، وَأَخَذَهَا، لَا يَجِبُ شَيْءٌ آخَرُ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِنَّمَا يُعْرَفُ التَّفَاوُتُ بِالنَّظَرِ إِلَى الْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْحِقَاقِ أَرْبَعَمِائَةٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute