للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقِيمَةُ بَنَاتِ اللَّبُونِ أَرْبَعَمِائَةٍ وَخَمْسِينَ، وَقَدْ أَخَذَ الْحِقَاقَ، فَالتَّفَاوُتُ خَمْسُونَ، فَلَوْ كَانَ التَّفَاوُتُ يَسِيرًا لَا يَحْصُلُ بِهِ شِقْصُ نَاقَةٍ، دَفَعَ الدَّرَاهِمَ لِلضَّرُورَةِ، وَأَشَارَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ إِلَى أَنَّهُ يَتَوَقَّفُ إِلَى وُجُودِ شِقْصٍ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ، فَإِنْ يَحْصُلْ بِهِ شِقْصٌ فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يَجِبُ شِرَاؤُهُ. وَأَصَحُّهُمَا: يَجُوزُ دَفْعُ الدَّرَاهِمِ لِضَرَرِ الْمُشَارِكَةِ، وَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْدِلُ إِلَى غَيْرِ الْجِنْسِ الْوَاجِبِ لِلضَّرُورَةِ، كَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ شَاةٌ فِي خَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ، فَلَمْ يَجِدْ شَاةً، فَإِنَّهُ يُخْرِجُ قِيمَتَهَا، وَكَمَنَ لَزِمَتْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ، فَلَمْ يَجِدْهَا وَلَا ابْنَ لَبُونِ، لَا فِي مَالِهِ وَلَا بِالثَّمَنِ، فَإِنَّهُ يَعْدِلُ إِلَى الْقِيمَةِ. فَإِذَا جَوَّزْنَا الدَّرَاهِمَ، فَأَخْرَجَ شِقْصًا، جَازَ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَفِيهِ أَدْنَى نَظَرٍ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الْعُسْرِ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَإِنْ أَوْجَبْنَا الشِّقْصَ، فَيَكُونُ مِنَ الْأَغْبَطِ، أَمْ مِنَ الْمُخْرَجِ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ. أَصَحُّهَا: مِنَ الْأَغْبَطِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ. وَالثَّانِي: مِنَ الْمُخْرَجِ؛ لِئَلَّا يَتَبَعَّضَ. وَالثَّالِثُ: يَتَخَيَّرُ بَيْنَهُمَا. فَفِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ، يُخْرِجُ عَلَى الْأَصَحِّ خَمْسَةَ أَتْسَاعِ بِنْتِ لَبُونٍ. وَعَلَى الثَّانِي: نِصْفُ حِقَّةٍ، ثُمَّ إِذَا أَخْرَجَ شِقْصَا، وَجَبَ صَرْفُهُ إِلَى السَّاعِي عَلَى قَوْلِنَا: يَجِبُ الصَّرْفُ إِلَى الْإِمَامِ فِي الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ، وَإِذَا أَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ، فَوَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ الصَّرْفُ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا مِنَ الْبَاطِنَةِ. وَالثَّانِي: يَجِبُ، لِأَنَّهَا جُبْرَانُ الظَّاهِرَةِ.

قُلْتُ: هَذَا الثَّانِي أَصَحُّ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِطْلَاقُ الْأَصْحَابِ الدَّرَاهِمَ فِي هَذَا الْفَصْلِ، يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ بِهِ نَقْدَ الْبَلَدِ، دَرَاهِمَ كَانَ أَوْ دَنَانِيرَ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّيْخُ إِبْرَاهِيمُ الْمَرُّوذِيُّ.

قُلْتُ: مُرَادُهُمْ نَقْدُ الْبَلَدِ قَطْعًا، وَصَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْحَاوِي وَإِمَامِ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ، يَعْنِيَانِ أَيَّهُمَا كَانَ نَقْدَ الْبَلَدِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يُوجَدَ بَعْضُ كُلِّ صِنْفٍ، بِأَنْ يَجِدَ ثَلَاثَ حِقَاقٍ وَأَرْبَعَ بَنَاتِ لَبُونٍ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ، إِنْ شَاءَ جَعَلَ الْحِقَاقَ أَصْلًا فَدَفَعَهَا مَعَ بِنْتِ لَبُونٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>