مِنْ مَالِ الصَّدَقَةِ، كَالْوَلِيِّ إِذَا اسْتَقْرَضَ لِلْيَتِيمِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ يَكُونُ الضَّمَانُ فِي مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَصَحُّهُمَا: يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ خَالِصِ مَالِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ غَيْرُ مُتَعَيَّنِينَ، وَفِيهِمْ أَوْ أَكْثَرُهُمْ أَهْلُ رُشْدٍ، لَا وِلَايَةَ عَلَيْهِمْ، وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ مَنْعُ الصَّدَقَةِ عَنْهُمْ بِلَا عُذْرٍ، وَلَا التَّصَرُّفُ فِي مَالِهِمْ بِالتِّجَارَةِ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الِاسْتِقْرَاضُ لَهُمْ بِشَرْطِ سَلَامَةِ الْعَاقِبَةِ، بِخِلَافِ الْيَتِيمِ. فَأَمَّا إِنْ دَفَعَ الْمُسْتَقْرِضُ إِلَيْهِمْ، فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمْ، وَالْإِمَامُ طَرِيقٌ، فَإِذَا أَخَذَ زَكَوَاتٍ وَالْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ مِنَ الزَّكَوَاتِ، وَلَهُ أَنْ يَحْسِبَهُ عَنْ زَكَاةِ الْمُقْرِضِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَ تَمَامِ حُلُولِ الزَّكَوَاتِ لَمْ يَجُزْ قَضَاؤُهُ مِنْهَا، بَلْ يَقْضِي مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ إِنْ وَجَدَ لَهُ مَالًا.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَأْخُذَ الْإِمَامُ الْمَالَ لِيَحْسِبَهُ عَنْ زَكَاةِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ عِنْدَ تَمَامِ حَوْلِهِ، وَفِيهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ كَالْقَرْضِ.
إِحْدَاهَا: أَنْ يَأْخُذَ بِسُؤَالِ الْمَسَاكِينِ، فَإِنْ دَفَعَ إِلَيْهِمْ قَبْلَ الْحَوْلِ وَتَمَّ الْحَوْلُ وَهُمْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْمَالِكُ بِصِفَةِ الْوُجُوبِ - وَقَعَ الْمَوْقِعُ، وَإِنْ خَرَجُوا عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَعَلَيْهِمُ الضَّمَانُ، وَعَلَى الْمَالِكِ الْإِخْرَاجُ ثَانِيًا، وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِهِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ لَهُ، نُظِرَ، إِنْ خَرَجَ الْمَالِكُ عَنْ أَنْ تَجِبَ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فَلَهُ الضَّمَانُ عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَهَلْ يَكُونُ الْإِمَامُ طَرِيقًا؟ وَجْهَانِ، كَمَا فِي الِاسْتِقْرَاضِ، وَإِلَّا فَهَلْ يَقَعُ الْمُخْرَجُ عَنْ زَكَاتِهِ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: يَقَعُ، وَبِهِ قَطَعَ فِي «الشَّامِلِ» وَ «التَّتِمَّةِ» ، وَالثَّانِي: لَا، فَعَلَى هَذَا لَهُ تَضْمِينُ الْمَسَاكِينِ، وَفِي تَضْمِينِ الْإِمَامِ الْوَجْهَانِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَسَاكِينِ مَالٌ، صَرَفَ الْإِمَامُ إِذَا اجْتَمَعَتِ الزَّكَوَاتُ عِنْدَهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ إِلَى قَوْمٍ آخَرِينَ عَنْ جِهَةِ الَّذِي تَسَلَّفَ مِنْهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَسَلَّفَ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ، فَإِنْ دَفَعَ إِلَى الْمَسَاكِينِ، وَتَمَّ الْحَوْلُ وَهُمْ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَقَعَ الْمَوْقِعُ، وَإِلَّا رَجَعَ الْمَالِكُ عَلَى الْمَسَاكِينِ دُونَ الْإِمَامِ، وَإِنْ تَلِفَ فِي يَدِ الْإِمَامِ لَمْ يُجْزِئِ الْمَالِكَ، سَوَاءٌ تَلِفَ بِتَفْرِيطِ الْإِمَامِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute