أَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، كَالتَّلَفِ فِي يَدِ الْوَكِيلِ، ثُمَّ إِنْ تَلَفَ بِتَفْرِيطِ الْإِمَامِ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ لِلْمَالِكِ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمَسَاكِينِ.
الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَسَلَّفَ بِسُؤَالِ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ جَمِيعًا، فَالْأَصَحُّ عِنْدَ صَاحِبِ «الشَّامِلِ» وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ مِنْ ضَمَانِ الْمَسَاكِينِ، وَالثَّانِي: مِنْ ضَمَانِ الْمَالِكِ.
الرَّابِعَةُ: أَنْ يَتَسَلَّفَ بِغَيْرِ سُؤَالِ الْمَالِكِ وَالْمَسَاكِينِ، لِمَا رَأَى مِنْ حَاجَتِهِمْ، فَهَلْ تَكُونُ حَاجَتُهُمْ كَسُؤَالِهِمْ؟ وَجْهَانِ:
أَصَحُّهُمَا: لَا، فَعَلَى هَذَا إِنْ دَفَعَهُ إِلَيْهِمْ، وَخَرَجُوا عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ - اسْتَرَدَّهُ الْإِمَامُ مِنْهُمْ وَدَفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَإِنْ خَرَجَ الدَّافِعُ عَنْ أَهْلِيَّةِ الْوُجُوبِ، اسْتَرَدَّهُ وَرُدَّ إِلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ مَالٌ، ضَمِنَهُ الْإِمَامُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ، فَرَّطَ أَمْ لَمْ يُفَرِّطْ، وَعَلَى الْمَالِكِ إِخْرَاجُ الزَّكَاةِ ثَانِيًا، وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْإِمَامِ. ثُمَّ الْوَجْهَانِ فِي تَنَزُّلِ الْحَاجَةِ مَنْزِلَةَ سُؤَالِهِمْ، هُمَا فِي حَقِّ الْبَالِغِينَ، أَمَّا إِذَا كَانُوا أَطْفَالًا فَيُبْنَى عَلَى أَنَّ الصَّبِيَّ تُدْفَعُ إِلَيْهِ الزَّكَاةُ مِنْ سَهْمِ الْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ، أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ كَأَبِيهِ وَغَيْرِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يُدْفَعُ لَهُ إِلَى قَيِّمِهِ، وَالثَّانِي: لَا؛ لِاسْتِغْنَائِهِ بِسَهْمٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ، فَإِنْ جَوَّزْنَا التَّصَرُّفَ إِلَيْهِ، فَحَاجَةُ الْأَطْفَالِ كَسُؤَالِ الْبَالِغِينَ، فَتَسَلُّفُ الْإِمَامِ الزَّكَاةَ وَاسْتِقْرَاضُهُ لَهُمْ كَاسْتِقْرَاضِ قَيِّمِ الْيَتِيمِ. هَذَا إِذَا كَانَ الَّذِي يَلِي أَمْرَهُمُ الْإِمَامُ، فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا مُقَدَّمًا عَلَى الْإِمَامِ، فَحَاجَتُهُمْ كَحَاجَةِ الْبَالِغِينَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ مَنْ يَسْأَلُ التَّسَلُّفَ لَوْ كَانَ صَلَاحُهُمْ فِيهِ. أَمَّا إِذَا قُلْنَا: لَا يَجُوزُ الصَّرْفُ إِلَى الصَّبِيِّ، فَلَا تَجِيءُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي سَهْمِ الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ، وَيَجُوزُ أَنْ تَجِيءَ فِي سَهْمِ الْغَارِمِينَ وَنَحْوِهِ. ثُمَّ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا لَوْ تَلِفَ الْمُعَجَّلُ فِي يَدِ السَّاعِي أَوِ الْإِمَامِ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ، سَقَطَتِ الزَّكَاةُ عَنِ الْمَالِكِ؛ لِأَنَّ الْحُصُولَ فِي يَدِهِمَا بَعْدَ الْحَوْلِ كَالْوُصُولِ إِلَى يَدِ الْمَسَاكِينِ كَمَا لَوْ أَخَذَ بَعْدَ الْحَوْلِ. ثُمَّ إِنْ فَرَّطَ فِي الدَّفْعِ إِلَيْهِمْ ضَمِنَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَهُمْ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدٍ، وَلَيْسَ مِنَ التَّفْرِيطِ أَنْ يَنْتَظِرَ انْضِمَامَ غَيْرِهِ إِلَيْهِ لِقِلَّتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute