للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِنْ كَانَ مَالُهُ نَقْدًا، زَكَّاهُ لِمَا مَضَى. وَإِنْ كَانَ مَاشِيَةً، فَلَا؛ لِأَنَّ السَّوْمَ شَرْطٌ فِي زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ فِي الْحَيَوَانِ فِي الذِّمَّةِ. وَأَصَحُّهَا عِنْدَهُمْ: تَجِبُ الزَّكَاةُ لِمَا مَضَى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُخْرَجَ كَالْبَاقِي فِي مِلْكِهِ. وَبِهَذَا قَطَعَ فِي التَّهْذِيبِ، بَلْ لَفْظُهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِخْرَاجِ ثَانِيًا قَبْلَ الِاسْتِرْدَادِ إِذَا كَانَ الْمُخْرَجُ بِعَيْنِهِ بَاقِيًا فِي يَدِ الْقَابِضِ. وَقَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ: إِذَا اسْتَرَدَّ وَقُلْنَا: كَأَنَّ مِلْكَهُ زَالَ، لَمْ يُزَكِّ لِمَا مَضَى، وَإِنْ قُلْنَا: يَتَبَيَّنُ أَنَّ مِلْكَهُ لَمْ يَزُلْ، زَكَّى لِمَا مَضَى. قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ الثَّانِي: الشَّاةُ الْمَقْبُوضَةُ حَصَلَتِ الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهَا، فَيَجِيءُ فِيهَا الْخِلَافُ فِي الْمَغْصُوبِ وَالْمَجْحُودِ.

وَكَلَامُ الْعِرَاقِيِّينَ يُشْعِرُ بِجَرَيَانِ الْأَوْجُهِ بَعْدَ تَسْلِيمِ زَوَالِ الْمِلْكِ عَنِ الْمُعَجَّلِ. وَكَيْفَ كَانَ، فَالْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُعْظَمِ وُجُوبُ تَجْدِيدِ الزَّكَاةِ لِلْمَاضِي. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُخْرَجُ تَالِفًا فِي يَدِ الْقَابِضِ، فَقَدْ صَارَ الضَّمَانُ دَيْنًا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَوْجَبْنَا تَجْدِيدَ الزَّكَاةِ إِذَا كَانَ بَاقِيًا، جَاءَ هُنَا قَوْلَا وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الدَّيْنِ. هَذَا إِذَا كَانَ الْمُزَكَّى نَقْدًا، فَإِنْ كَانَ مَاشِيَةً لَمْ تَجِبِ الزَّكَاةُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْقَابِضِ الْقِيمَةُ، فَلَا يَكْمُلُ هُنَا نِصَابُ الْمَاشِيَةِ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: تُقَامُ الْقِيمَةُ مَقَامَ الْعَيْنِ هُنَا نَظَرًا لِلْمَسَاكِينِ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ.

فَرْعٌ

لَوْ عَجَّلَ بِنْتَ مَخَاضٍ عَنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ، فَبَلَغَتْ بِالتَّوَالُدِ سِتًّا وَثَلَاثِينَ قَبْلَ الْحَوْلِ - لَمْ يُجْزِئْهُ بِنْتُ الْمَخَاضِ مُعَجَّلَةً وَإِنْ صَارَتْ بِنْتَ لَبُونٍ فِي يَدِ الْقَابِضِ، بَلْ يَسْتَرِدُّهَا وَيُخْرِجُهَا ثَانِيًا أَوْ بِنْتَ لَبُونٍ أُخْرَى. قَالَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ لِنَفْسِهِ: فَإِنْ كَانَ الْمُخْرَجُ تَالِفًا وَالنِّتَاجُ لَمْ يَزِدْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ فَلَمْ تَكُنْ إِبِلُهُ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَّا بِالْمُخْرَجِ - وَجَبَ أَنْ لَا يَجِبُ بِنْتُ لَبُونٍ؛ لِأَنَّا إِنَّمَا نَجْعَلُ الْمُخْرَجَ كَالْقَائِمِ إِذَا وَقَعَ مَحْسُوبًا عَنِ الزَّكَاةِ. أَمَّا إِذَا لَمْ يَقَعْ فَلَا، بَلْ هُوَ كَهَلَاكِ بَعْضِ الْمَالِ قَبْلَ الْحَوْلِ، وَفِيمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ مَا يُنَازِعُ فِي هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>