للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ

إِذَا بَاعَ مَالَ الزَّكَاةِ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ إِخْرَاجِهَا، فَإِنْ بَاعَ جَمِيعَهُ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ؟ يُبْنَى عَلَى الْأَقْوَالِ. فَإِنْ قُلْنَا: الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ وَالْمَالُ خُلُوٌ مِنْهَا، صَحَّ، وَإِنْ قُلْنَا: مَرْهُونٌ فَقَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْعِرَاقِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ: يَصِحُّ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعَلَقَةَ، تَثْبُتُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِ الْمَالِكِ، وَلَيْسَتْ لِمُعَيَّنٍ، فَسُومِحَ فِيهَا بِمَا لَا يُسَامَحُ بِهِ فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالشَّرِكَةِ فَطَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ، وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ أَكْثَرُ الْعِرَاقِيِّينَ: فِي صِحَّتِهِ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَعَامَّةُ الْمُتَأَخِّرِينَ: الْبَطَلَانُ، وَإِنْ قُلْنَا تَعَلُّقَ الْأَرْشِ فَفِي صِحَّتِهِ الْقَوْلَانِ فِي بَيْعِ الْجَانِي، فَإِنْ صَحَّحْنَاهُ صَارَ الْبَيْعُ مُلْتَزِمًا لِلْفِدَاءِ، وَمَتَى حَكَمْنَا بِالصِّحَّةِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ، فَمَا سِوَاهُ أَوْلَى، وَمَتَى حَكَمْنَا فِيهِ بِالْبُطْلَانِ، فَهَلْ يَبْطُلُ فِيمَا سِوَاهُ؟ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ فَفِيمَا سِوَاهُ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالِاسْتِيثَاقِ فِي الْجَمِيعِ، بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنْ قُلْنَا بِالِاسْتِيثَاقِ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ، فَفِي الزَّائِدِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ، وَحَيْثُ مَنَعْنَا الْبَيْعُ، وَكَانَ الْمَالُ ثَمَرَةً، فَذَلِكَ قَبْلَ الْخَرْصِ، فَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا مَنْعَ إِنْ قُلْنَا: الْخَرْصُ تَضْمِينٌ.

وَالْحَاصِلُ مِنْ جَمِيعِ هَذَا الْخِلَافِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، أَحَدُهَا: الْبُطْلَانُ فِي الْجَمِيعِ، وَالثَّانِي: الصِّحَّةُ فِي الْجَمِيعِ، وَأَظْهَرُهَا الْبُطْلَانُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَالصِّحَّةُ فِي الْبَاقِي. فَإِنْ صَحَّحْنَا الْبَيْعَ فِي الْجَمِيعِ، نُظِرَ، إِنْ أَدَّى الْبَائِعُ الزَّكَاةَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فَذَلِكَ، وَإِلَّا فَلِلسَّاعِي أَنْ يَأْخُذَ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي قَدْرَ الزَّكَاةِ عَلَى جَمِيعِ الْأَقْوَالِ بِلَا خِلَافٍ. فَإِنَّ أَخَذَ، انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ، وَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي الْبَاقِي؟ فِيهِ الْخِلَافُ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ فِي الدَّوَامِ. فَإِنْ قُلْنَا: يَنْفَسِخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>