للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَرَدَّ الثَّمَنَ، وَإِلَّا فَلَهُ الْخِيَارُ إِنْ كَانَ جَاهِلًا، فَإِنْ فُسِخَ فَذَاكَ، وَإِنْ أَجَازَ فِي الْبَاقِي فَيَأْخُذُهُ بِقِسْطِهِ مِنَ الثَّمَنِ، أَمْ بِالْجَمِيعِ؟ فِيهِ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: بِقِسْطِهِ، وَلَوْ لَمْ يَأْخُذِ السَّاعِي الْوَاجِبَ مِنْهُ، وَلَمْ يُؤَدِّ الْبَائِعُ الزَّكَاةَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فَالْأَصَحُّ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ إِذَا عَلِمَ الْحَالَ، وَالثَّانِي: لَا خِيَارَ لَهُ. فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ، فَأَدَّى الْبَائِعُ الْوَاجِبَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، فَهَلْ يَسْقُطُ الْخِيَارُ؟ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْقُطُ كَمَا لَوِ اشْتَرَى مَعِيبًا فَزَالَ عَيْبُهُ قَبْلَ الرَّدِّ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ، وَالثَّانِي: لَا يَسْقُطُ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُخْرِجَ مَا دَفَعَهُ إِلَى السَّاعِي مُسْتَحَقًّا، فَيَرْجِعُ السَّاعِي إِلَى عَيْنِ الْمَالِ، وَيَجْرِي الْوَجْهَانِ فِيمَا إِذَا بَاعَ السَّيِّدُ الْجَانِيَ ثُمَّ فَدَاهُ، هَلْ يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ؟ أَمَّا إِذَا أَبْطَلْنَا الْبَيْعَ فِي قَدْرِ الزَّكَاةِ وَصَحَّحْنَاهُ فِي الْبَاقِي، فَلِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ فِي الْبَاقِي وَإِجَازَتِهِ، وَلَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ بِأَدَاءِ الْبَائِعِ الزَّكَاةَ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، وَإِذْ أَجَازَ فَيُجِيزُ بِقِسْطِهِ أَمْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؟ فِيهِ الْقَوْلَانِ الْمُقَدَّمَانِ، وَقَطَعَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، بِأَنَّهُ يُجِيزُ بِالْجَمِيعِ فِي الْمَوَاشِي، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

هَذَا كُلُّهُ إِذَا بَاعَ جَمِيعَ الْمَالِ، فَإِنْ بَاعَ بَعْضَهُ، فَإِنْ لَمْ يَبْقَ قَدْرُ الزَّكَاةِ - فَهُوَ كَمَا لَوْ بَاعَ الْجَمِيعَ، وَإِنْ بَقِيَ قَدْرُ الزَّكَاةِ إِمَّا بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إِلَى الزَّكَاةِ وَإِمَّا بِغَيْرِهَا، فَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ الشَّرِكَةِ، فَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجْهَانِ. قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: أَقْيَسُهُمَا: الْبُطْلَانُ، وَهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ، وَفِيهَا وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا أَنَّ الزَّكَاةَ شَائِعَةٌ فِي الْجَمِيعِ، مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الشِّيَاهِ بِالْقِسْطِ، وَالثَّانِي أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِحْقَاقِ قَدْرُ الْوَاجِبِ، وَيَتَعَيَّنُ بِالْإِخْرَاجِ.

أَمَّا إِذَا فَرَّعْنَا عَلَى قَوْلِ الرَّهْنِ، فَيُبْنَى عَلَى أَنَّ الْجَمِيعَ مَرْهُونٌ أَمْ قَدْرُ الزَّكَاةِ فَقَطْ؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يَصِحُّ، وَعَلَى الثَّانِي: يَصِحُّ، وَإِنْ فَرَّعْنَا عَلَى تَعَلُّقِ الْأَرْشِ، فَإِنْ صَحَّحْنَا بَيْعَ الْجَانِي صَحَّ هَذَا الْبَيْعُ، وَإِلَّا فَالتَّفْرِيعُ، كَالتَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِ الرَّهْنِ. وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ هُوَ فِي بَيْعِ الْمَالِ الَّذِي تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ. فَأَمَّا بَيْعُ مَالِ التِّجَارَةِ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، فَسَيَأْتِي فِي بَابِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>