للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ

إِذَا مَلَكَ أَرْبَعِينَ شَاةً، فَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ، وَلَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهَا حَتَّى حَالَ آخَرُ، فَإِنْ حَدَثَ مِنْهَا فِي كُلِّ حَوْلٍ سَخْلَةٌ فَصَاعِدًا، فَعَلَيْهِ لِكُلِّ حَوْلٍ شَاةٌ بِلَا خِلَافٍ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ شَاةٌ عَنِ الْحَوْلِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا الثَّانِي: فَإِنْ قُلْنَا: تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي الذِّمَّةِ، وَكَانَ يَمْلِكُ سِوَى الْغَنَمِ مَا يَفِي بِشَاةٍ - وَجَبَ شَاةٌ لِلْحَوْلِ الثَّانِي، وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْ شَيْئًا غَيْرَ النَّصَّابِ، يُبْنَى عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ يَمْنَعُ وُجُوبَ الزَّكَاةِ أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: يَمْنَعُ لَمْ يَجِبْ لِلْحَوْلِ الثَّانِي شَيْءٌ وَإِلَّا وَجَبَتْ شَاةٌ، وَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ تَعَلُّقَ الشَّرِكَةِ لَمْ يَجِبْ لِلْحَوْلِ الثَّانِي شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ مَلَكُوا شَاةً نَقَصَ بِهَا النِّصَابُ، وَلَا تَجِبُ زَكَاةُ الْخُلْطَةِ؛ لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِمْ، فَمُخَالَطَتُهُمْ كَمُخَالَطَةِ الْمُكَاتَبِ وَالذِّمِّيِّ، وَإِنْ قُلْنَا: يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ تَعَلُّقَ الرَّهْنِ أَوِ الْأَرْشِ، قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: فَهُوَ كَالتَّفْرِيعِ عَلَى قَوْلِ الذِّمَّةِ، وَقَالَ الصَّيْدَلَانِيُّ: هُوَ كَقَوْلِ الشَّرِكَةِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُفْرَضَ خِلَافٌ فِي وُجُوبِ الزَّكَاةِ مِنْ جِهَةِ تَسَلُّطِ الْغَيْرِ عَلَيْهِ وَإِنْ قُلْنَا: الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُ الزَّكَاةَ. وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَجْرِي الْخِلَافُ عَلَى قَوْلِ الذِّمَّةِ، أَيْضًا. وَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ حَوْلَيْنِ وَلَا نِتَاجَ، فَإِنْ عَلَّقْنَا الزَّكَاةَ بِالذِّمَّةِ وَقُلْنَا: الدَّيْنُ لَا يَمْنَعُهَا، أَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ آخَرُ يَفِي بِهَا - فَعَلَيْهِ بِنْتَا مَخَاضٍ، وَإِنْ قُلْنَا بِالشَّرِكَةِ فَعَلَيْهِ لِلْحَوْلِ الْأَوَّلِ بِنْتُ مَخَاضٍ، وَلِلثَّانِي: أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَتَفْرِيعُ الْأَرْشِ وَالرَّهْنِ عَلَى قِيَاسِ مَا سَبَقَ. وَلَوْ مَلَكَ خَمْسًا مِنَ الْإِبِلِ حَوْلَيْنِ بِلَا نِتَاجٍ فَالْحُكْمُ كَمَا فِي الصُّورَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ. لَكِنْ قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ مِنَ الْأَصْحَابِ مَنْ لَمْ يُثْبِتْ قَوْلَ الشَّرِكَةِ إِذَا كَانَ الْوَاجِبُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْأَصْلِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُطْلَقًا كَالْحُكْمِ فِي الْأُولَيَيْنِ تَفْرِيعًا عَلَى قَوْلِ الذِّمَّةِ، وَالْمَذْهَبُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِ الْمَالِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ وَلِهَذَا يَجُوزُ لِلسَّاعِي أَنْ يَبِيعَ جُزْءًا مِنَ الْإِبِلِ فِي الشِّيَاهِ، فَدَلَّ عَلَى تَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>