للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعٌ

لَوْ كَانَ الْمَوْجُودُ عَلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامِ، بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ أَوِ اسْمَ مَلِكٍ مِنْ مُلُوكِ الْإِسْلَامِ، لَمْ يَمْلِكْهُ الْوَاحِدُ بِمُجَرَّدِ الْوِجْدَانِ، بَلْ يَرُدُّهُ إِلَى مَالِكِهِ إِنْ عَلِمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْهُ فَوَجْهَانِ، الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: هُوَ لُقَطَةٌ يُعَرِّفُهُ الْوَاجِدُ سَنَةً، ثُمَّ لَهُ تَمَلُّكُهُ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ مَالِكُهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هُوَ مَالٌ ضَائِعٌ يُمْسِكُهُ الْآخِذُ لِلْمَالِكِ أَبَدًا، أَوْ يَحْفَظُهُ الْإِمَامُ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَلَا يُمَلَّكُ بِحَالٍ، كَمَا لَوْ أَلْقَتِ الرِّيحُ ثَوْبًا فِي حِجْرِهِ، أَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ عَنْ وَدَائِعَ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَالِكَهَا. وَإِنَّمَا يَمْلِكُ بِالتَّعْرِيفِ مَا ضَاعَ مِنَ الْمَارَّةِ، دُونَ مَا حَصَّنَهُ الْمَالِكُ بِالدَّفْنِ. وَنَقَلَ الْبَغَوِيُّ عَنِ الْقَفَّالِ نَحْوَ هَذَا.

قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوِ انْكَشَفَتِ الْأَرْضُ عَنْ كَنْزٍ بِسَيْلٍ وَنَحْوِهِ، فَمَا أَدْرِي مَا قَوْلُ الشَّيْخِ فِيهِ، وَالْمَالُ الْبَارِزُ ضَائِعٌ، قَالَ: وَاللَّائِقُ بِقِيَاسِهِ أَنْ لَا يَثْبُتَ فِيهِ حَقُّ التَّمْلِيكِ اعْتِبَارًا بِأَصْلِ الْمَوْضِعِ، وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ الْمَوْجُودَ مِنْ ضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوِ الْإِسْلَامِ فَقَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا وَأَشْهَرُهُمَا: لَيْسَ بِرِكَازٍ، وَالثَّانِي: رِكَازٌ فَيُخَمَّسُ. وَعَلَى الْأَظْهَرِ: يَكُونُ لُقَطَةً عَلَى قَوْلِ الْجُمْهُورِ.

وَعَنِ الشَّيْخِ أَبِي عَلِيٍّ مُوَافَقَةُ الْجُمْهُورِ هُنَا. وَعَنْهُ أَيْضًا وَجْهَانِ، أَحَدُهُمَا: الْمُوَافَقَةُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ مَالٌ ضَائِعٌ كَمَا قَالَ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ. ثُمَّ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الرِّكَازِ عَلَى ضَرْبِ الْإِسْلَامِ كَوْنُهُ دُفِنَ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عَلَى ضَرْبِ الْجَاهِلِيَّةِ كَوْنُهُ دُفِنَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ لِاحْتِمَالِهِ أَنَّهُ وَجَدَهُ مُسْلِمٌ بِكَنْزٍ جَاهِلِيٍّ، فَكَنَزَهُ ثَانِيًا، فَالْحُكْمُ مُدَارٌ عَلَى كَوْنِهِ مِنْ دَفْنِ الْجَاهِلِيِّينَ، لَا عَلَى كَوْنِهِ ضَرْبَ الْجَاهِلِيَّةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>