الْخُمُسَ، وَإِلَّا فَإِذَا احْتَوَتْ يَدُهُ عَلَى الْكَنْزِ نَفْسِهِ وَقَدْ مَضَى سُنُونَ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِخْرَاجِ الْخُمُسِ الَّذِي لَزِمَهُ يَوْمَ مِلْكُهُ. وَفِيمَا مَضَى مِنَ السِّنِينَ، يُبْنَى وُجُوبُ رُبُعِ الْعُشْرِ فِي الْأَخْمَاسِ الْأَرْبَعَةِ عَلَى الْخِلَافِ فِي الضَّالِّ وَالْمَغْصُوبِ، وَفِي الْخُمُسِ كَذَلِكَ إِنْ قُلْنَا: تَتَعَلَّقُ الزَّكَاةُ بِالْعَيْنِ، وَإِلَّا فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا إِذَا لَمْ يَمْلِكْ إِلَّا نِصَابًا وَتَكَرَّرَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ. أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الْكَنْزُ لِلْوَاجِدِ، فَإِنْ كَانَ أَحْيَاهُ فَمَا وَجَدَهُ رِكَازٌ، وَعَلَيْهِ خُمُسُهُ فِي وَقْتِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ كَمَا سَبَقَ. وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: فِيهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْإِمَامُ، وَإِنْ كَانَ انْتَقَلَ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ، لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَخْذُهُ، بَلْ عَلَيْهِ عَرْضُهُ عَلَى مَنْ مَلَكَهُ عَنْهُ. وَهَكَذَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى الْمُحْيِي كَمَا سَبَقَ.
وَإِنْ كَانَ الْمَوْضِعُ مَوْقُوفًا، فَالْكَنْزُ لِمَنْ فِي يَدِهِ الْأَرْضُ، كَذَا قَالَهُ فِي التَّهْذِيبِ. هَذَا كُلُّهُ إِذَا وُجِدَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَلَوْ وُجِدَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فِي مَوَاتٍ، نُظِرَ، إِنْ كَانُوا لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ فَهُوَ كَمَوَاتِ دَارِ الْإِسْلَامِ، وَإِنْ كَانُوا يَذُبُّونَ عَنْهُ ذَبَّهُمْ عَنِ الْعُمْرَانِ، فَالصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَكْثَرُونَ أَنَّهُ كَمَوَاتِهِمُ الَّذِي لَا يَذُبُّونَ عَنْهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ: هُوَ كَعُمْرَانِهِمْ. وَإِنْ وُجِدَ فِي مَوْضِعٍ مَمْلُوكٍ لَهُمْ، نُظِرَ، إِنْ أُخِذَ بِقَهْرٍ وَقِتَالٍ فَهُوَ غَنِيمَةٌ، كَأَخْذِ أَمْوَالِهِمْ وَنُقُودِهِمْ مِنْ بُيُوتِهِمْ، فَيَكُونُ خُمُسُهُ لِأَهْلِ الْخُمُسِ، وَأَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهِ لِمَنْ وَجَدَهُ. وَإِنْ أُخِذَ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَلَا قَهْرٍ فَهُوَ فَيْءٌ، وَمُسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْفَيْءِ. كَذَا قَالَهُ فِي النِّهَايَةِ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إِذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ أَمَانٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ كَنْزِهِمْ لَا بِقِتَالٍ وَلَا بِغَيْرِهِ. كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخُونَهُمْ فِي أَمْتِعَةِ بُيُوتِهِمْ، وَعَلَيْهِ الرَّدُّ إِنْ أَخَذَ. وَقَدْ نَصَّ عَلَى هَذَا الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ. ثُمَّ فِي كَوْنِهِ فَيْئًا إِشْكَالٌ؛ لِأَنَّ مَنْ دَخَلَ بِغَيْرِ أَمَانٍ وَأَخَذَ مَالَهُمْ بِلَا قِتَالٍ، إِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ خُفْيَةً فَيَكُونَ سَارِقًا، وَإِمَّا جِهَارًا فَيَكُونَ مُخْتَلِسًا، وَهُمَا خَاصُّ مِلْكِ السَّارِقِ وَالْمُخْتَلِسِ. وَيَتَأَيَّدُ هَذَا الْإِشْكَالُ بِأَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَئِمَّةِ أَطْلَقُوا الْقَوْلَ بِأَنَّهُ غَنِيمَةٌ، مِنْهُمُ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالصَّيْدَلَانِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute